أكدّ خبراء في قطاع السينما السعودي على وجود تحديات رئيسية تعيق تطوره، أبرزها صعوبة الحصول على تأمين الأفلام وبرامج تمويل مستدامة. جاء ذلك في أعقاب تصريحات مماثلة أدلى بها المنتج السينمائي السعودي، أحمد العمري، خلال ظهوره في برنامج “يا هلا” على إذاعة “روتانا خليجية”. وتُعد هذه التصريحات جزءًا من نقاش أوسع حول مستقبل صناعة الأفلام في المملكة العربية السعودية.
وتشير المناقشات إلى أن هذه المشكلات تؤثر على قدرة المنتجين على إطلاق مشاريعهم السينمائية، وتحد من تنوع الإنتاج، وتعيق نمو القطاع بشكل عام. وقد سلط العمري الضوء على هذه العقبات كعوامل مؤثرة في تباطؤ وتيرة الإنتاج السينمائي المحلي. وتأتي هذه التحديات في وقت تشهد فيه المملكة تحولات كبيرة في قطاع الترفيه.
تأمين الأفلام والتحديات المالية لصناعة السينما السعودية
يُعتبر تأمين الأفلام من التحديات اللوجستية والمالية التي تواجه صناع السينما في السعودية. تغطي هذه التأمينات مجموعة واسعة من المخاطر المحتملة، بدءًا من الأضرار التي قد تلحق بالمعدات والمواقع، وصولًا إلى المسؤولية القانونية تجاه الطاقم والممثلين والجمهور. ومع ذلك، فإن الحصول على هذه التأمينات قد يكون مكلفًا ومعقدًا، خاصة بالنسبة للمنتجين المستقلين أو المشاريع ذات الميزانيات المحدودة.
صعوبة الحصول على تغطية تأمينية مناسبة
تكمن الصعوبة في أن شركات التأمين قد تتردد في تغطية الأفلام بسبب طبيعة الإنتاج السينمائي التي تنطوي على مخاطر متعددة. بالإضافة إلى ذلك، قد لا يكون لدى شركات التأمين المحلية الخبرة الكافية في تقييم هذه المخاطر وتحديد أقساط التأمين المناسبة. وهذا يدفع المنتجين إلى البحث عن حلول تأمينية في الخارج، مما يزيد من التكاليف وتعقيد الإجراءات.
غياب برامج تمويل كافية
بالإضافة إلى التأمين، يمثل غياب برامج التمويل المتخصصة تحديًا كبيرًا آخر. على الرغم من الجهود الحكومية لدعم قطاع الترفيه، إلا أن التمويل المتاح للأفلام لا يزال غير كافٍ لتلبية الطلب المتزايد. وتعتمد العديد من المشاريع السينمائية على التمويل الذاتي أو على مصادر محدودة من الرعاة.
وفقًا لتقارير حديثة، فإن حجم الإنفاق على الأفلام السعودية لا يزال متواضعًا مقارنة بالدول الأخرى في المنطقة. ويرجع ذلك جزئيًا إلى نقص البنية التحتية اللازمة لإنتاج وتوزيع الأفلام، مثل الاستوديوهات والمختبرات ودور السينما. ومع ذلك، فإن هناك مؤشرات إيجابية على تحسن الوضع في السنوات الأخيرة.
في عام 2018، سمحت المملكة العربية السعودية بفتح دور السينما بعد حظر دام أكثر من 35 عامًا. وقد أدى ذلك إلى زيادة كبيرة في عدد دور السينما والجمهور الذي يشاهد الأفلام. كما أطلقت وزارة الثقافة والتراث الوطني العديد من المبادرات لدعم صناعة الأفلام، بما في ذلك إنشاء صندوق الفيلم السعودي.
يهدف صندوق الفيلم السعودي إلى توفير التمويل اللازم لإنتاج الأفلام السعودية، ودعم المخرجين والمنتجين السعوديين، وتعزيز صناعة السينما في المملكة. وقد قدم الصندوق بالفعل تمويلًا للعديد من المشاريع السينمائية الواعدة. إضافة إلى ذلك، تشهد المملكة اهتمامًا متزايدًا بإنتاج الأفلام الوثائقية والقصيرة، مما يعكس تنوع المواهب والإبداعات في هذا المجال.
الإنتاج السينمائي في السعودية يشهد تطورًا ملحوظًا، لكنه لا يزال يواجه تحديات تتعلق بالبنية التحتية والخبرات الفنية. هناك حاجة إلى المزيد من الاستثمارات في التدريب والتأهيل لرفع مستوى الكفاءات في جميع مراحل الإنتاج السينمائي. كما يجب على الحكومة والقطاع الخاص العمل معًا لتوفير بيئة داعمة ومشجعة لصناع السينما.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تطوير قطاع السينما في السعودية يتطلب أيضًا تعزيز التعاون مع الدول الأخرى في المنطقة والعالم. يمكن أن يساعد تبادل الخبرات والمعرفة في تطوير صناعة سينمائية سعودية قوية ومستدامة. وتشمل الجوانب الأخرى التي تحتاج إلى تطوير، توزيع الأفلام محليًا ودوليًا، وحماية حقوق الملكية الفكرية.
في المقابل، هناك فرص واعدة لنمو قطاع السينما في السعودية. فالمملكة لديها قاعدة جماهيرية كبيرة ومتزايدة، واقتصاد قوي، وثقافة غنية ومتنوعة. ويمكن لصناع السينما السعوديين الاستفادة من هذه الفرص لإنتاج أفلام عالية الجودة تجذب الجمهور المحلي والدولي. صناعة الأفلام السعودية لديها القدرة على أن تصبح قوة إقليمية وعالمية.
ويُنتظر أن تعلن وزارة الثقافة والتراث الوطني قريبًا عن خطط جديدة لتطوير قطاع السينما في المملكة، بما في ذلك زيادة التمويل، وتوفير المزيد من الحوافز للمنتجين، وتسهيل إجراءات الحصول على التراخيص والتصاريح. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض الشكوك حول مدى فعالية هذه الخطط في حل المشكلات القائمة. ومن المهم مراقبة التطورات في هذا المجال وتقييم تأثيرها على صناعة السينما السعودية.






