كشف تحقيق استقصائي حديث عن استخدام إسرائيل الذخائر العنقودية خلال القتال الأخير مع حزب الله في لبنان. وتأتي هذه النتائج وسط مخاوف متزايدة بشأن تأثير هذه الأسلحة المحظورة على المدنيين والبنية التحتية في المنطقة. ويُعد هذا أول دليل قاطع على استخدام إسرائيل لهذه الذخائر منذ حرب عام 2006.

ووفقًا للتحقيق الذي أجرته صحيفة الغارديان البريطانية، فإن الصور الحصرية التي تم فحصها وتأكيد صحتها تُظهر بقايا أنواع مختلفة من الذخائر العنقودية الإسرائيلية في مواقع متعددة جنوب نهر الليطاني. وقد أثار هذا الاكتشاف تساؤلات حول التزام إسرائيل بالقانون الدولي الإنساني.

ما هي الذخائر العنقودية ولماذا هي مثيرة للجدل؟

الذخائر العنقودية هي أسلحة تحتوي على مئات أو حتى آلاف الذخائر الفرعية الصغيرة، والتي تنتشر على مساحة واسعة عند الانفجار. تُستخدم هذه الأسلحة لتدمير الأهداف الأرضية، ولكنها غالبًا ما تكون غير دقيقة وتسبب أضرارًا جانبية واسعة النطاق. تكمن المشكلة الرئيسية في أن نسبة كبيرة من هذه الذخائر الفرعية تفشل في الانفجار عند الاصطدام، مما يحولها إلى ألغام أرضية تهدد حياة المدنيين لسنوات أو حتى عقود بعد انتهاء القتال.

تفاصيل التحقيق والاكتشافات

أظهرت الصور التي فحصها ستة خبراء في الأسلحة بقايا صاروخين إسرائيليين جديدين من نوع الذخائر العنقودية: باراك إيتان (إم 999) وراعم إيتان. تم العثور على هذه البقايا في وادي زبقين، ووادي برغز، ووادي دير سريان. ويُعد استخدام هذه الأنواع الجديدة من الذخائر العنقودية تطورًا مقلقًا، حيث لم تكن معروفة من قبل.

وأكد الخبراء أن هذه الذخائر تتوافق مع الأوصاف التقنية للأسلحة الإسرائيلية. كما أشاروا إلى أن معدلات الفشل المعلنة لهذه الذخائر غالبًا ما تكون أقل بكثير من المعدلات الفعلية في ساحة المعركة، مما يزيد من خطرها على المدنيين.

ردود الفعل الدولية والمخاوف الإنسانية

أثار استخدام إسرائيل للذخائر العنقودية إدانات واسعة النطاق من قبل المنظمات الحقوقية الدولية. فقد حذرت منظمة العفو الدولية من أن هذه الأسلحة “غير مقبولة” بسبب تأثيرها المدمر على المدنيين. ودعت المنظمة إلى إجراء تحقيق مستقل في هذه المزاعم.

وتشير تقارير إلى أن لبنان يعاني بالفعل من مخلفات حرب عام 2006، حيث لا تزال آلاف الذخائر غير المنفجرة تشكل تهديدًا مستمرًا للسكان. ويخشى المراقبون أن يؤدي استخدام الذخائر العنقودية الجديدة إلى تفاقم هذه المشكلة وزيادة عدد الضحايا المدنيين.

الخلفية القانونية للذخائر العنقودية

تعتبر الذخائر العنقودية مثيرة للجدل من الناحية القانونية، حيث يحظر استخدامها بموجب اتفاقية حظر الذخائر العنقودية لعام 2008. ومع ذلك، ليست جميع الدول أطرافًا في هذه الاتفاقية، بما في ذلك إسرائيل والولايات المتحدة وروسيا والصين.

وعلى الرغم من عدم كونها طرفًا في الاتفاقية، يرى خبراء القانون الدولي أن إسرائيل ملزمة بالالتزام بمبادئ القانون الإنساني الدولي، والتي تتطلب منها اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب إلحاق الضرر بالمدنيين.

تداعيات محتملة ومستقبل الوضع

من المرجح أن يؤدي الكشف عن استخدام إسرائيل للذخائر العنقودية إلى زيادة الضغوط الدولية عليها لوقف استخدام هذه الأسلحة. كما قد يدفع إلى إعادة النظر في سياسات بيع الأسلحة لإسرائيل من قبل الدول التي تلتزم باتفاقية حظر الذخائر العنقودية.

في الوقت الحالي، لا تزال المعارك متقطعة بين إسرائيل وحزب الله في جنوب لبنان. ويراقب المجتمع الدولي الوضع عن كثب، ويخشى من أن يؤدي التصعيد إلى حرب شاملة. من المتوقع أن تصدر الأمم المتحدة تقريرًا مفصلاً عن استخدام الذخائر العنقودية في لبنان في غضون الأسابيع القليلة القادمة، مما قد يؤدي إلى مزيد من التحقيقات والإجراءات الدولية.

الوضع الإنساني في جنوب لبنان يزداد سوءًا، مع نزوح عشرات الآلاف من السكان وتدمير البنية التحتية. ويحتاج المتضررون إلى مساعدة عاجلة، بما في ذلك الغذاء والمأوى والرعاية الطبية.

شاركها.