يتزايد الضغط على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في ظل مبادرة مدعومة من الولايات المتحدة لإنهاء الحرب في أوكرانيا. تتضمن المبادرة، التي أعدها المبعوث الخاص ستيف ويتكوف بالتنسيق مع كل من كييف وموسكو، شروطًا تثير قلق الحلفاء الأوروبيين وتتطلب من زيلينسكي اتخاذ قرارات صعبة. وتأتي هذه التطورات في وقت حرج بالنسبة لأوكرانيا، التي تواجه تحديات كبيرة في ساحة المعركة وعلى الجبهة الدبلوماسية.

مفاوضات السلام في أوكرانيا: تطورات مثيرة للجدل

كشف مسؤولون عن مسودة اتفاق سلام تتضمن تنازلات إقليمية محتملة من جانب أوكرانيا، بما في ذلك الاعتراف بسيطرة روسيا على منطقة دونباس الشرقية. بالإضافة إلى ذلك، تقترح المسودة تقييد استخدام الأسلحة الغربية بعيدة المدى داخل الأراضي الروسية وتحديد حجم القوات المسلحة الأوكرانية بحوالي 600 ألف جندي. وقد أثارت هذه الشروط ردود فعل متباينة، حيث يرى البعض أنها ضرورية لإنهاء الصراع، بينما يعتبرها آخرون بمثابة استسلام غير مقبول.

أعرب زيلينسكي عن قلقه العميق بشأن هذه المقترحات، محذرًا من أن أوكرانيا قد تواجه “لحظة صعبة للغاية” في تاريخها. وشدد على أن بلاده لن تتخلى عن كرامتها أو تنازل عن أراضيها، مؤكدًا في الوقت نفسه التزامها بالعمل مع الولايات المتحدة وجميع الشركاء من أجل التوصل إلى حل سلمي. ومع ذلك، حذر من أن روسيا قد تستغل أي بادرة ضعف لتقويض المفاوضات وتصعيد الحرب.

ردود الفعل الدولية

أكد البيت الأبيض أن ويتكوف ووزير الخارجية ماركو روبيو يعملان “بهدوء” على هذه الخطة ويتواصلان مع كلا الجانبين. وقد تم إطلاع الرئيس السابق دونالد ترامب على التفاصيل، وأبدى دعمه للضغط من أجل إتمام هذا الإطار التوافقي بحلول نهاية العام. في المقابل، أعرب قادة أوروبيون عن دهشتهم من هذه المبادرة، حيث أكدوا على دعمهم “الثابت والكامل” لأوكرانيا في سعيها لتحقيق سلام دائم وعادل.

في موسكو، صرح المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف بأن واشنطن وموسكو لم تبدآ بعد مناقشة المقترحات بشكل مفصل، لكنه أشار إلى استمرار الاتصالات بينهما. وأضاف أن روسيا “منفتحة تمامًا” على المفاوضات السلمية. في الأمم المتحدة، دعا السفير الأمريكي مايك والتز إلى إلحاح في التوصل إلى حل دبلوماسي، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة “قدمت شروطًا سخية لروسيا، بما في ذلك تخفيف العقوبات”.

المواقف المتصلبة

في المقابل، أكدت الممثلة الأوكرانية في الأمم المتحدة، خريستينا هايوفيشن، أن كييف سترفض أي تسوية تضر بسيادتها. وأوضحت أن “الأراضي الأوكرانية ليست للبيع”، وأن أوكرانيا “لن تقبل أي قيود على حقها في الدفاع عن نفسها أو على حجم وقدرات قواتها المسلحة”. كما شددت على أن أوكرانيا لن تتنازل عن حقها في اختيار التحالفات التي ترغب في الانضمام إليها، في إشارة إلى طموحاتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).

يرى مراقبون أن هذه المواقف المتصلبة تعكس التحديات الكبيرة التي تواجه عملية السلام. فمن ناحية، تصر أوكرانيا على استعادة جميع أراضيها المحتلة، بينما تسعى روسيا إلى تأمين مكاسب إقليمية وضمان عدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو. ومن ناحية أخرى، يخشى الحلفاء الأوروبيون من أن أي تسوية قد تشجع روسيا على مواصلة عدوانها في المستقبل.

من المتوقع أن يتحدث زيلينسكي مع ترامب في الأيام القادمة لمناقشة النقاط الرئيسية في الخطة والخطوط الحمراء الأوكرانية. وستكون هذه المحادثة حاسمة في تحديد مستقبل المفاوضات. في الوقت الحالي، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت أوكرانيا وروسيا ستتمكنان من التوصل إلى اتفاق سلام مقبول للطرفين، وما إذا كانت المبادرة الأمريكية ستنجح في تحقيق هذا الهدف. يبقى الوضع معقدًا ومليئًا بالشكوك، ويتطلب مراقبة دقيقة للتطورات على الساحة الدبلوماسية والعسكرية.

الكلمات المفتاحية: حرب أوكرانيا، أوكرانيا، مفاوضات السلام، فولوديمير زيلينسكي، روسيا، دونباس، الناتو.

شاركها.