أعلنت المفوضية الأوروبية عن تقديم مساهمة مالية بقيمة 82 مليون يورو للسلطة الفلسطينية وذلك بعد الاجتماع الأول لمجموعة مانحي فلسطين في بروكسل. هذا التمويل، الذي يهدف إلى دعم الاستقرار الاقتصادي والتعافي، جاء بعد تعهدات سابقة من أربع دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي. على الرغم من الجهود المبذولة، لم تسفر هذه الجهود عن التزامات جديدة من دول أخرى. الموضوع الرئيسي لهذه المساعدات هو دعم السلطة الفلسطينية في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية.

سيتم توجيه هذه المساهمة من خلال آلية “بيجاس”، وهي آلية فلسطينية أوروبية لإدارة ومساعدة الشؤون الاجتماعية والاقتصادية، وتربط التمويل الأوروبي بإصلاحات محددة وتهدف إلى التحكم في الوجهة النهائية للأموال. تهدف الآلية إلى ضمان وصول المساعدات إلى المستفيدين المقصودين بشكل فعال وشفاف.

مساهمات محدودة لدعم السلطة الفلسطينية

أنشأت المفوضية مجموعة مانحي فلسطين لتشجيع دول الاتحاد الأوروبي وخارجه على المشاركة في تمويل جهود التعافي والاستقرار الاقتصادي في الضفة الغربية. شارك في الاجتماع الذي عُقد هذا الأسبوع أكثر من 60 وفداً من جميع أنحاء العالم، بحسب ما ذكرت مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون البحر الأبيض المتوسط، دوبراشكا شوتشيتش. إلا أن المؤتمر لم يسفر عن تعهدات ملموسة بتمويل جديد على الرغم من اهتمام بعض الدول بالآلية.

صرحت شوتشيتش للصحفيين أن سويسرا ونيوزيلندا والنرويج وتركيا، وهي دول ليست أعضاء في الاتحاد الأوروبي، تبدي اهتمامها باستخدام هذه الآلية، مؤكدةً أنها “مفتوحة لمساهمات الشركاء”. وفقًا لتقديرات المفوضية، بلغت المساعدات الأوروبية الإجمالية المقدمة للسلطة الفلسطينية منذ عام 1994 ما يقرب من 30 مليار يورو.

الجدل حول المدفوعات

تعرضت السلطة الفلسطينية لانتقادات بسبب ما يزعم أنه تقديم مكافآت لعائلات الفلسطينيين الذين قُتلوا أو سُجنوا من قبل إسرائيل، وهي ممارسة تصفها السلطات الإسرائيلية بـ “الدفع مقابل القتل”. في ردها على هذه الاتهامات، أكدت المفوضية أن “لا يورو واحد من المال الأوروبي أنفق على هذه المدفوعات المتنازع عليها”.

إضافة إلى ذلك، ارتفع إجمالي المبلغ الذي تم التعهد به هذا العام من خلال آلية “بيجاس” إلى أكثر من 88 مليون يورو، مع الأخذ في الاعتبار المساهمات السابقة من فنلندا وأيرلندا وإيطاليا وإسبانيا. تعتمد هذه الآلية على الشفافية والمساءلة لضمان تحقيق أقصى قدر من الأثر الإيجابي.

دعوات لمساءلة إسرائيل

ترأس رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى مجموعة مانحي فلسطين، واغتنم الفرصة لإدانة الاحتلال الإسرائيلي وما يعتبره “أفعالاً ضد الحكومة الفلسطينية”. شدد مصطفى وشوتشيتش على أهمية الإفراج عن الإيرادات الضريبية التي تجمعها إسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية، والتي لم يتم تحويلها إلى الفلسطينيين منذ أبريل الماضي. تعتبر هذه الإيرادات ضرورية لاستمرار عمل الحكومة وتقديم الخدمات الأساسية.

وأكد مصطفى أنه “لا يمكن لأي حكومة الاستمرار في الإصلاحات إذا تم حرمانها من إيراداتها الخاصة. إن الأزمة المالية الحالية مدفوعة سياسياً. إن حجب إسرائيل للإيرادات الضريبية الفلسطينية يهدد الرواتب واستمرارية الخدمة والاستقرار في كل من غزة وفي الضفة الغربية”. كما طالب بمحاسبة إسرائيل عن الأضرار الناجمة عن الحرب في قطاع غزة.

وأضاف: “يجب أن تكون إسرائيل مسؤولة عما حدث، ويجب أن تساهم بشكل كبير، إن لم يكن بشكل كامل، في إصلاح الأضرار والمساهمة في جهود إعادة الإعمار”. لم تعرب المفوضة شوتشيتش عن رأيها في هذا الشأن على الرغم من سؤالها من قبل يورونيوز. في المقابل، رحبت بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بقيادة الولايات المتحدة، بشأن خطة السلام في غزة، واصفة إياه بأنه “خطوة كبيرة إلى الأمام في تعزيز السلام”.

الوضع المستقبلي والتحديات المطروحة

تبقى المتابعة الدقيقة لتعهدات الدول المختلفة أمرًا بالغ الأهمية لضمان تحقيق الأهداف المرجوة من المساعدات. من المتوقع أن تستمر المفاوضات مع الدول الأخرى للحصول على تعهدات جديدة بالمساهمة في دعم السلطة الفلسطينية وتخفيف الأزمة الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، يظل الهدف الأوسع للاتحاد الأوروبي في المنطقة هو تحقيق حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وهو ما يتطلب جهودًا دبلوماسية متواصلة.

أهم ما يجب مراقبته في الفترة القادمة هو مدى استجابة الدول الأخرى لدعوات التمويل، والإجراءات التي ستتخذها إسرائيل فيما يتعلق بالإفراج عن الإيرادات الضريبية الفلسطينية، وتطورات تنفيذ خطة السلام في غزة التي أقرها مجلس الأمن. تعتبر هذه العوامل حاسمة لتقييم مستقبل دعم السلطة الفلسطينية واستقرار الأوضاع في المنطقة.

شاركها.