يدرس الاتحاد الأوروبي استثمارات مباشرة في شركات تعدين أسترالية لتأمين إمدادات المعادن الحيوية، وذلك في ظل سعي متزايد لتقليل الاعتماد على الصين. يأتي هذا التحرك بعد إعلان الاتحاد الأوروبي عن خطط لإنشاء هيئة مركزية لشراء وتخزين هذه المعادن، مما يعكس قلقاً متصاعداً بشأن سلاسل التوريد العالمية.

أعلن مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون التجارة والأمن الاقتصادي، ماروش شيفشوفيتش، خلال مؤتمر صحفي في ملبورن أن المبادرة قد تتضمن دخول مؤسسات تمويل أوروبية، مثل بنك الاستثمار الأوروبي، في ملكية شركات التعدين الأسترالية. بالإضافة إلى ذلك، يتم بحث ترتيبات لاتفاقات توريد مباشرة مع الحكومات الأوروبية، والاستثمار المشترك في مشاريع جديدة.

أهمية تأمين إمدادات المعادن الحيوية

تكتسب المعادن الحيوية، بما في ذلك العناصر الأرضية النادرة، أهمية استراتيجية متزايدة نظراً لاستخداماتها الواسعة في قطاعات حيوية مثل الطاقة المتجددة، والتقنيات الدفاعية، وصناعة أشباه الموصلات. تعتبر هذه المعادن ضرورية لعمليات التحول الرقمي والاقتصادي المستدام.

هيمنة الصين وتداعياتها

تهيمن الصين حالياً على سلاسل التوريد العالمية لهذه المعادن، مما يمنحها نفوذاً كبيراً في الأسواق العالمية. وقد أدى هذا الوضع إلى مخاوف متزايدة بشأن الأمن الاقتصادي، خاصة في ظل التوترات التجارية المتصاعدة بين بكين وواشنطن. وقد دفعت هذه التوترات الولايات المتحدة إلى اتخاذ خطوات لتعزيز إمداداتها من المعادن الحيوية، بما في ذلك الاستثمار في شركات تعدين أسترالية.

عقد شيفشوفيتش اجتماعات مع وزير التجارة الأسترالي دون فاريل ووزيرة الموارد مادلين كينغ لمناقشة سبل دعم سلسلة القيمة الكاملة للمواد الخام الحيوية، بدءاً من الاستخراج وصولاً إلى المعالجة والاستخدام النهائي. وتشير التقارير إلى أن هذه المناقشات كانت مكثفة وشملت جميع جوانب سلسلة التوريد.

هيئة أوروبية لشراء وتخزين المعادن

يأتي هذا التوجه الأوروبي في أعقاب إعلان عن خطط لإنشاء هيئة مركزية لشراء وتخزين المعادن الاستراتيجية. تهدف هذه الهيئة إلى حماية الاتحاد الأوروبي من التقلبات في الأسعار والقيود المحتملة على الإمدادات، خاصة في ظل التحركات التي تقوم بها الولايات المتحدة لشراء كميات كبيرة من الإمدادات العالمية.

بالتوازي مع ذلك، يواصل الاتحاد الأوروبي مفاوضاته حول اتفاق تجارة حرة مع أستراليا، بعد تأجيلات عديدة بسبب خلافات حول قضايا مثل صادرات اللحوم والمنتجات الزراعية. ومع ذلك، أشار شيفشوفيتش إلى تحقيق “تقدم ملحوظ” في المفاوضات، معرباً عن أمله في إتمام المرحلة النهائية بحلول ربيع العام المقبل.

تحركات الولايات المتحدة لتعزيز الإمدادات

في أكتوبر الماضي، وقعت الولايات المتحدة وأستراليا اتفاقاً يهدف إلى توسيع وصول الولايات المتحدة إلى العناصر الأرضية النادرة والمعادن الحيوية الأخرى. يتضمن الاتفاق استثمارات مشتركة بقيمة ملياري دولار في عدد من المناجم والمشاريع الأسترالية.

تشمل هذه الاستثمارات تمويل بناء مصفاة غاليوم بقدرة 100 طن سنوياً، ودراسة تقديم تمويل بقيمة 300 مليون دولار لمشروع “نولانز” للعناصر الأرضية النادرة. كما أصدر بنك التصدير والاستيراد الأميركي رسائل اهتمام لتمويل 6 شركات تعدين أخرى بقيمة تتجاوز 2.2 مليار دولار.

تعتبر هذه التحركات جزءاً من جهود عالمية متزايدة لتنويع مصادر الموارد المعدنية وتقليل الاعتماد على مصدر واحد.

من المتوقع أن يستمر الاتحاد الأوروبي في دراسة خيارات الاستثمار في شركات التعدين الأسترالية، مع التركيز على بناء شراكات طويلة الأجل لضمان إمدادات مستدامة من المعادن الحيوية. وستراقب الأسواق عن كثب التقدم المحرز في مفاوضات اتفاق التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وأستراليا، فضلاً عن التطورات في مبادرات الولايات المتحدة لتعزيز إمداداتها من هذه المواد الاستراتيجية.

شاركها.