أعلن المجلس الرئاسي الليبي وحكومة الوحدة الوطنية والمجلس الأعلى للدولة، اليوم الخميس، عن تشكيل “الهيئة العليا للرئاسات” بهدف تنسيق الجهود وتوحيد السلطة السيادية في البلاد. يأتي هذا الإعلان في ظل سعي مستمر لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في ليبيا، وتوحيد المؤسسات الرئيسية. وتهدف الهيئة الجديدة إلى تنسيق السياسات في القضايا الاستراتيجية، حسبما أفاد بيان مشترك صادر عن الأطراف الثلاثة.

عقد الاجتماع الذي أثمر عن هذا الإعلان في طرابلس، بمشاركة رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة. وتعكس هذه الخطوة رغبة في تجاوز الانقسامات الداخلية وتعزيز الوحدة الوطنية في مواجهة التحديات الراهنة التي تواجه البلاد. وتأتي هذه المبادرة بعد أشهر من توترات سياسية واقتصادية أثرت سلبًا على حياة المواطنين.

الهيئة العليا للرئاسات” وآفاق التنسيق السياسي في ليبيا

تأسيس هذه الهيئة يمثل محاولة لإنشاء إطار تنسيقي رفيع المستوى يجمع بين السلطات الرئيسية في ليبيا. وستعمل الهيئة على تطوير منهجية موحدة لصنع القرار الوطني، وتنسيق المواقف الرسمية في القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية. وتهدف إلى بلورة سياسات مشتركة تحافظ على سيادة البلاد ووحدة أراضيها، وتعزز الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي.

بموجب الاتفاق، لن يتم إنشاء أي كيانات إضافية أو أعباء هيكلية جديدة، بل سيتم التركيز على تنسيق العمل بين المؤسسات القائمة. ويشير محللون إلى أن هذا التوجه يهدف إلى تجنب تضخم البيروقراطية وتخفيف الأعباء المالية على الدولة. ويعد هذا الجانب مهمًا في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها ليبيا.

أهداف الهيئة وتحديات التنفيذ

من بين الأهداف الرئيسية للهيئة، العمل على تعزيز الثقة بين مختلف الأطراف السياسية، وتسهيل الحوار البناء حول القضايا المصيرية. بالإضافة إلى ذلك، ستقوم الهيئة بدور الوسيط في حل النزاعات القائمة، وتقديم التوصيات اللازمة لتحقيق الاستقرار. من المتوقع أن تلعب الهيئة دورًا حاسمًا في ملف الاستعداد للانتخابات.

ومع ذلك، يواجه تنفيذ هذه المبادرة العديد من التحديات، بما في ذلك اختلاف وجهات النظر بين الأطراف السياسية حول القضايا الرئيسية، وغياب الثقة المتبادلة. ويرى مراقبون أن نجاح الهيئة يعتمد على قدرتها على تجاوز هذه التحديات، وبناء توافق وطني حول الرؤية المستقبلية لليبيا.

في سياق متصل، أكد الموقعون على البيان أهمية انضمام المؤسسات السيادية الأخرى إلى هذا المسار التنسيقي، بهدف تعزيز الاستقرار وحماية المصالح العليا للدولة. ويشمل ذلك مؤسسات مثل المصرف المركزي، والمؤسسة الوطنية للنفط، وغيرها من الجهات المعنية.

تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه ليبيا انقسامًا في السلطة، حيث توجد حكومتان متوازيتان، إحداهما في طرابلس برئاسة الدبيبة، والأخرى في بنغازي برئاسة أسامة حماد. ويعيق هذا الانقسام جهود التنمية والتحسين في مستوى معيشة المواطنين. وتأمل الأطراف المعنية أن تسهم الهيئة الجديدة في تجاوز هذا الانقسام، ووضع حد للفترة الانتقالية المضطربة.

من المنتظر أن تعقد الهيئة العليا للرئاسات اجتماعًا لها في غضون الأسبوعين القادمين لوضع خطة عمل مفصلة، وتحديد الأولويات، وتوزيع المهام بين أعضائها. وسيراقب المراقبون عن كثب كيفية تعامل الهيئة مع التحديات المطروحة، وما إذا كانت ستنجح في تحقيق أهدافها المرسومة. وينتظر أن تُعلن الهيئة عن نتائج أعمالها في مؤتمر صحفي مطلع العام القادم، مع إمكانية إضافة تعديلات طفيفة على هيكلها أو أهدافها بناءً على التطورات الميدانية.

شاركها.