انخفضت أسعار النفط بشكل ملحوظ يوم الأربعاء، بعد إعلان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن موافقته على مناقشة مسودة خطة سلام قدمتها كل من الولايات المتحدة وروسيا. يأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه أسواق الطاقة تقلبات كبيرة بسبب التوترات الجيوسياسية والعقوبات المستمرة على روسيا، أحد أكبر منتجي النفط في العالم. ويرتبط هذا الانخفاض بشكل وثيق بالتوقعات المحتملة لزيادة المعروض من النفط الروسي في حال تخفيف أو رفع العقوبات.

تأثير خطة السلام المحتملة على أسعار النفط

تراجع سعر خام غرب تكساس الوسيط إلى ما فوق 59 دولارًا للبرميل، بينما انخفض سعر مزيج برنت نحو 63 دولارًا، بعد أن كان قد سجل انخفاضات أكبر في وقت سابق من الجلسة. يعكس هذا الانخفاض قلق المستثمرين من احتمال عودة كميات كبيرة من النفط الروسي إلى الأسواق العالمية، مما قد يؤدي إلى فائض في العرض.

تزامن هذا الإعلان مع اقتراب موعد سريان عقوبات أمريكية جديدة تستهدف شركتي النفط الروسيتين العملاقتين، روسنفت ولوك أويل. ووفقًا لتقارير إخبارية، فإن هذه العقوبات تهدف إلى تقليل قدرة روسيا على تمويل الحرب في أوكرانيا من خلال عائدات النفط.

روسيا والبحث عن طرق بديلة لتصدير النفط

لطالما اعتمدت روسيا على ما يسمى بـ “القنوات السرية” أو “الظلال” لتصدير النفط الخاضع للعقوبات، وتجنب القيود الغربية. ومع ذلك، تشير التقديرات إلى أن تراجع أسعار النفط العالمية قد يضر بإيرادات موسكو من النفط، مما يضع ضغوطًا إضافية على ميزانيتها واقتصادها. وذكرت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الأخير أن موسكو قد تواجه صعوبات متزايدة في الحفاظ على مستويات التصدير الحالية.

ومع ذلك، يظل التوصل إلى اتفاق سلام نهائي أمرًا غير مؤكد، حيث تتضمن مسودة الخطة تنازلات قد تكون غير مقبولة بالنسبة لأوكرانيا. وقد صرح مسؤولون أوكرانيون مرارًا وتكرارًا بأنهم لن يتخلوا عن أراضيهم أو سيادتهم.

وفقًا لرايتشل زيمبا، الزميلة البارزة في مركز الأمن الأميركي الجديد، فإن “إعادة التأكيد على الانفتاح على مناقشة إنهاء الحرب من جانب أوكرانيا أمر لافت، لكن السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت روسيا مهتمة بإنهاء الصراع أم أنها تسعى فقط إلى كسب الوقت لتقليل تأثير العقوبات”.

تأثير العقوبات الأمريكية على تدفقات النفط

من المرجح أن تؤدي العقوبات الأمريكية الجديدة إلى تعطيل تدفقات النفط الروسي إلى بعض الأسواق، بما في ذلك الصين. وذكرت تقارير أن بعض الشركات الصينية قد بدأت بالفعل في تقليل وارداتها من النفط الإيراني والروسي لتجنب المخاطر المرتبطة بالعقوبات الثانوية. يُعد هذا التحول في تدفقات النفط من العوامل التي تؤثر على أسواق الطاقة العالمية.

ومع ذلك، يشير تحليل الأسواق إلى أن المستثمرين يتوقعون استمرار وصول النفط الروسي إلى الأسواق العالمية، حتى لو كان ذلك من خلال طرق غير مباشرة. هذا التوقع يقلل من تأثير العقوبات على المدى القصير. كما يراقب المحللون عن كثب استجابة الشركات المتضررة من العقوبات، مثل لوك أويل، والتي تبحث عن مشترين لأصولها الدولية.

بالإضافة إلى ذلك، تشير بعض المصادر إلى أن العقوبات الأمريكية قد تؤدي إلى زيادة الطلب على أنواع الوقود الأخرى، مثل الغاز الطبيعي المسال، مما قد يؤثر على أسعار الطاقة بشكل عام. وتعد أسعار الغاز الطبيعي المسال من المؤشرات الرئيسية التي يجب متابعتها.

كما أن وضع أوبك وحلفائها “أوبك بلس” وخططهم المستقبلية للإنتاج، تعد من الأمور التي ستؤثر على توقعات أسعار النفط. ففي حال قررت المجموعة زيادة الإنتاج بشكل كبير، قد يؤدي ذلك إلى مزيد من الضغط على الأسعار.

من الجدير بالذكر أن أسواق النفط تواجه بالفعل توقعات بفائض في المعروض، مع ارتفاع إنتاج أوبك بلس ودول أخرى خارج التحالف. هذا العرض الزائد يساهم أيضًا في الاتجاه الهبوطي لأسعار النفط.

الوضع الحالي يفرض حالة من عدم اليقين على أسواق الطاقة. من المتوقع أن تستمر أسعار النفط في التقلب بناءً على التطورات الجيوسياسية، وقرارات أوبك بلس، وتأثير العقوبات، ومفاوضات السلام. سيراقب المستثمرون عن كثب أي مؤشرات جديدة تدل على مستقبل المعروض والطلب على النفط.

شاركها.