حققت المملكة العربية السعودية إنجازًا هامًا في قطاع الأغذية، حيث اعتمدت هيئة الدستور الغذائي الدولية المواصفة القياسية الأولى عالميًا للالتمور الطازجة. جاء هذا الإعلان خلال الدورة الثامنة والأربعين للهيئة التي انعقدت في روما بين 10 و 14 نوفمبر الحالي، وذلك بفضل القيادة السعودية لمجموعة العمل الدولية المسؤولة عن إعداد هذه المواصفة. يُعد هذا الاعتراف الدولي خطوة مهمة نحو تعزيز مكانة المملكة كمصدر رئيسي للتمور عالية الجودة في الأسواق العالمية.

تكتسب هذه المواصفة أهمية بالغة لأنها تحدد معايير الجودة والسلامة للتمور الطازجة، مما يسهل التجارة الدولية ويوفر حماية للمستهلكين. وقد تم التوصل إلى هذه المواصفة بعد سنوات من العمل المشترك بين خبراء من مختلف الدول، وبإشراف هيئة الدستور الغذائي التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو). ووفقًا لبيان صادر عن وزارة البيئة والمياه والزراعة، سيعزز هذا الإنجاز من تنافسية المنتج السعودي من التمور.

أهمية المواصفة القياسية للالتمور الطازجة

تعتبر هيئة الدستور الغذائي (Codex Alimentarius Commission) الجهة الدولية المعترف بها دوليًا لوضع معايير الأغذية. مواصفاتها ليست إلزامية بشكل مباشر، ولكنها غالبًا ما تُعتمد كأساس للوائح الوطنية والاتفاقيات التجارية الدولية. وبالتالي، فإن اعتماد مواصفة للتمور الطازجة يمثل اعترافًا بالجودة العالية للتمور السعودية ويعزز ثقة المستهلكين العالميين.

دور المملكة في إعداد المواصفة

تولت المملكة العربية السعودية رئاسة مجموعة العمل الدولية التي أعدت هذه المواصفة، مما يعكس خبرتها الواسعة في مجال إنتاج التمور. وقد عملت المملكة بشكل وثيق مع الدول الأخرى الأعضاء في المجموعة لضمان أن تعكس المواصفة أحدث المعارف العلمية وأفضل الممارسات في هذا المجال. كانت مشاركة المملكة فعالة في تذليل العقبات الفنية والسياسية التي واجهت عملية إعداد المواصفة.

تأثير المواصفة على تجارة التمور

من المتوقع أن تؤدي المواصفة الجديدة إلى زيادة حجم تجارة التمور على مستوى العالم، حيث ستسهل على المستوردين والمصدرين تحديد متطلبات الجودة والسلامة. بالإضافة إلى ذلك، ستساعد المواصفة في الحد من الممارسات التجارية غير العادلة، مثل تزوير المنتجات أو تقديم منتجات دون المستوى المطلوب. ويعتبر قطاع التمور جزءًا مهمًا من اقتصاد المملكة، حيث تساهم فيه بشكل كبير في الناتج المحلي.

بالإضافة إلى التمور الطازجة، تشتهر المملكة بإنتاج التمور المجففة وأنواع مختلفة من منتجات التمور، بما في ذلك معجون التمر والحلويات المصنوعة منه. الحفاظ على جودة هذه المنتجات وتنويعها يمثل أولوية قصوى للحكومة السعودية. كما تشير التقارير إلى اهتمام متزايد بالزراعة العضوية للتمور، مما يعزز من جاذبية المنتج السعودي في الأسواق التي تولي اهتمامًا خاصًا بالمنتجات الصحية والصديقة للبيئة.

يأخذ قطاع التمور في الاعتبار بشكل متزايد الاستدامة. تستثمر المملكة في تقنيات الري الحديثة، مثل الري بالتنقيط، للاستخدام الأمثل للمياه. بالإضافة إلى ذلك، يتم تطوير ممارسات زراعية تقلل من استخدام المبيدات والأسمدة الكيميائية. تعمل هذه الجهود على ضمان استدامة إنتاج التمور على المدى الطويل وحماية البيئة.

في المقابل، يواجه قطاع التمور بعض التحديات، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الإنتاج والمنافسة الشديدة من الدول الأخرى المنتجة للتمور. كما أن التغيرات المناخية، مثل ارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه، قد تؤثر سلبًا على إنتاجية أشجار النخيل. يتطلب التغلب على هذه التحديات استثمارات مستمرة في البحث والتطوير وتبني تقنيات زراعية مبتكرة.

عملت وزارة البيئة والمياه والزراعة على تطوير استراتيجية شاملة لتطوير قطاع التمور، تركز على زيادة الإنتاجية وتحسين الجودة وتعزيز التسويق. وتشمل هذه الاستراتيجية دعم المزارعين وتوفير لهم التدريب والإرشاد الفني، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية اللازمة لتخزين وتعبئة وتصدير التمور. تهدف الاستراتيجية إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من التمور وزيادة الصادرات من خلال تعزيز القدرة التنافسية للمنتج السعودي.

الخطوة التالية هي نشر المواصفة الجديدة على نطاق واسع وتوعية جميع الأطراف المعنية بها، بما في ذلك المنتجين والمصدرين والمستهلكين والجهات الحكومية. يتوقع أن يستغرق ذلك عدة أشهر، وخلال هذه الفترة ستعمل هيئة الدستور الغذائي على تقديم الدعم الفني للدول الأعضاء لمساعدتها على تطبيق المواصفة. من غير المؤكد حتى الآن ما إذا كانت الدول ستعتمد المواصفة الجديدة في قوانينها المحلية على الفور، أو ما إذا كانت ستنتظر لتقييم تأثيرها على التجارة.

شاركها.