شهدت مدينة تيرنوبيل غرب أوكرانيا هجوماً روسياً واسع النطاق بالطائرات المسيرة والصواريخ ليلة الثلاثاء، مما أسفر عن مقتل أكثر من 25 شخصاً، بينهم ثلاثة أطفال. يشكل هذا الهجوم على أوكرانيا تصعيداً خطيراً في الصراع المستمر، ويثير تساؤلات حول فعالية المساعدات الغربية المقدمة لكييف. وتأتي هذه الضربة في سياق استمرار التوترات الجيوسياسية المتصاعدة.
أفادت وزارة الداخلية الأوكرانية يوم الأربعاء أن ما لا يقل عن 25 شخصاً لقوا حتفهم وأصيب 73 آخرون في الضربة التي استهدفت مبنيين سكنيين من تسعة طوابق. وتستمر فرق الإنقاذ في العمل لإخراج الأشخاص من تحت الأنقاض وإخماد الحرائق الناجمة عن الهجمات. تزامن هذا الهجوم مع قصف مناطق أخرى في أنحاء البلاد.
توسع نطاق الهجوم الروسي المستمر على أوكرانيا
وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن روسيا أطلقت أكثر من 470 طائرة مسيرة و 48 صاروخاً في الهجوم الليلي. وأظهرت الصور من مكان الحادث نوافذ محطمة، والواجهة الخارجية المحترقة والمفحمة لمبنى سكني، ودخان يتصاعد بينما تعمل الطواقم على تطهير المنطقة. ويعتبر هذا الهجوم أحد أكبر الهجمات التي شنتها روسيا على أوكرانيا منذ أشهر.
الأضرار والخسائر البشرية
تسببت الضربات في أضرار واسعة النطاق للبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المباني السكنية. بالإضافة إلى الضحايا، أفادت التقارير بتضرر خطوط الكهرباء ومرافق المياه، مما أدى إلى انقطاع الخدمات الأساسية عن السكان. وتشير التقديرات الأولية إلى أن تكلفة إعادة الإعمار ستكون باهظة.
استهداف البنية التحتية الحيوية
وفقاً لتصريحات زيلينسكي، تعرضت تسع مناطق أخرى في أنحاء أوكرانيا أيضاً لقصف، بما في ذلك البنية التحتية الحيوية ومنشآت الطاقة في لفيف، والبنية التحتية المدنية في خاركيف. وهذا يشير إلى أن الهجوم الروسي كان يهدف إلى إضعاف القدرة الدفاعية لأوكرانيا وتعطيل حياتها اليومية. كما أن استهداف البنية التحتية الحيوية يثير مخاوف بشأن الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
وقال زيلينسكي في منشور على منصة X: “كل هجوم وقح على الحياة العادية يثبت أن الضغط على روسيا لا يزال غير كافٍ. يمكن للعقوبات الفعالة والمساعدة لأوكرانيا أن تغير ذلك. الأولوية القصوى هي صواريخ الدفاع الجوي وأنظمة إضافية وقدرات موسعة لقواتنا الجوية وإنتاج الطائرات بدون طيار لحماية الأرواح”. وأضاف أن روسيا يجب أن تتحمل مسؤولية أفعالها.
في الوقت نفسه، أعلنت بولندا أنها قامت بتفعيل الدفاع الجوي بعد الهجمات الروسية على أوكرانيا، كإجراء احترازي لحماية مجالها الجوي. وبالمثل، أكدت لاتفيا تسجيل انتهاكات لمجالها الجوي من قبل طائرات بدون طيار روسية. هذه الحوادث تزيد من المخاوف بشأن توسع نطاق الصراع واحتمال تصعيده.
كما أبلغت شركة أمريكية عن تعرض منشآتها في أوكرانيا لضربات صواريخ روسية، وذلك بالتزامن مع جهود الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لتقديم مقترحات للسلام. يُثير هذا التطور تساؤلات حول تأثير هذه المقترحات على مسار الصراع.
تُظهر هذه التطورات استمرار الاعتماد على الدعم العسكري المقدم لأوكرانيا من قبل الدول الغربية. ويدعو القادة الأوكرانيون باستمرار إلى زيادة المساعدة العسكرية، وخاصة أنظمة الدفاع الجوي، للتصدي للهجمات الروسية المتزايدة. وتعتبر القدرة على اعتراض الصواريخ والطائرات بدون طيار مسألة حياة أو موت بالنسبة للمدنيين الأوكرانيين.
بالإضافة إلى ذلك، فإن موضوع الأمن الإقليمي في أوروبا الشرقية يكتسب أهمية متزايدة في ظل استمرار الصراع في أوكرانيا. إن انتهاكات المجال الجوي للدول المجاورة تثير مخاوف بشأن الأمن الجماعي وتدعو إلى تعزيز التعاون الدفاعي بين دول حلف شمال الأطلسي (الناتو). تعتبر حماية الحدود وضمان استقرار المنطقة من الأولويات الرئيسية في الوقت الحالي.
من المتوقع أن تستمر المعارك في أوكرانيا خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، مع استمرار روسيا في محاولة تحقيق أهدافها العسكرية. وتظل المفاوضات الدبلوماسية هي الحل الأمثل لإنهاء الصراع، ولكنها تواجه تحديات كبيرة في ظل استمرار التصعيد من كلا الجانبين. وستراقب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عن كثب التطورات على الأرض وتعمل على إيجاد حل سلمي للأزمة في أقرب وقت ممكن. تعتمد التطورات المستقبلية على العديد من العوامل، بما في ذلك استمرار الدعم الغربي لأوكرانيا، وفعالية العقوبات المفروضة على روسيا، والتقدم المحرز في المفاوضات الدبلوماسية.






