كشفت دراسة حديثة عن إمكانية تحسين فرص البقاء على قيد الحياة للمرضى الذين يعانون من سرطان الكبد في المراحل المتقدمة، وذلك من خلال دمج العلاج المناعي مع الجراحة أو زراعة الكبد. وقد أجريت هذه الدراسة من قبل باحثين في مركز سيدارز سيناي للأورام في الولايات المتحدة، ونشرت نتائجها في وقت متأخر من أمس، مما يفتح آفاقاً جديدة في علاج هذا المرض الخطير. النتائج تشير إلى أن هذا النهج المدمج قد يطيل العمر بشكل كبير لهؤلاء المرضى.
العلاج المناعي يمهد الطريق للجراحة في حالات سرطان الكبد المتقدم
أظهر تحليل بيانات أكثر من 4300 مريض مصاب بسرطان الكبد أن أولئك الذين خضعوا لعملية زراعة الكبد أو استئصال الورم جراحياً بعد تلقي العلاج المناعي، حققوا بقاءً أطول بشكل ملحوظ. العلاج المناعي يعمل على تقليص حجم الأورام، لكنه في حد ذاته لا يقضي على المرض بشكل كامل. ومع ذلك، عندما يتيح هذا الانكماش إجراء جراحة أو زراعة، فإن خطر الوفاة الإجمالي ينخفض بنسبة تصل إلى 85٪ مقارنةً بالمرضى الذين يعتمدون على العلاج المناعي وحده، وفقًا للدراسة.
التحديات التي تواجه تطبيق هذا النهج
على الرغم من الفعالية الواعدة لهذا المزيج العلاجي، فإن نسبة المرضى الذين يتم توجيههم للخضوع للعمليات الجراحية بعد العلاج المناعي لا تزال منخفضة، حيث تبلغ حوالي 3٪ فقط. ويرجع ذلك بشكل كبير إلى أن هذه العمليات غالبًا ما تُجرى في المراكز الطبية الأكاديمية الكبيرة والمتخصصة، مما يحد من إمكانية الوصول إليها بالنسبة للعديد من المرضى. بالإضافة إلى ذلك، قد يواجه الأطباء تحديات في تحديد المرضى الذين من المرجح أن يستفيدوا من هذا النهج.
وأشار الدكتور جيو دونغ يانغ، المؤلف الرئيسي للدراسة، إلى أن الفشل في النظر في زراعة الكبد أو الجراحة في الحالات المتقدمة يمثل فرصة ضائعة لعلاج كامل. وأوضح أن العديد من المرضى لا يموتون بسبب الورم نفسه، بل بسبب المضاعفات الناتجة عن أمراض الكبد الأساسية، والتي يمكن معالجتها من خلال زراعة الكبد. هذا يدل على أهمية التقييم الشامل لكل حالة، والنظر في جميع الخيارات العلاجية المتاحة.
فهم سرطان الكبد وأهمية التدخل المبكر
سرطان الكبد المتقدم هو حالة ينتشر فيها السرطان إلى الكبد والأعضاء الأخرى. تشمل الأعراض الشائعة فقدان الوزن غير المبرر، وفقدان الشهية، والإرهاق الشديد، واليرقان، وتورم البطن بسبب تراكم السوائل. في هذه المرحلة، غالبًا ما يتم العلاج باستخدام الأدوية الموجهة، والعلاج المناعي، أو العلاج الكيميائي الموضعي، مع التركيز بشكل أساسي على تحسين نوعية حياة المريض.
ومع ذلك، يؤكد خبراء الأورام على أهمية الكشف المبكر عن أورام الكبد، حيث أن العلاج يكون أكثر فعالية في المراحل المبكرة من المرض. الفحوصات الدورية والتوعية بالعوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالمرض، مثل التهاب الكبد الفيروسي وتليف الكبد، يمكن أن تساعد في التشخيص المبكر الذي ينقذ الأرواح. تعتبر أيضاً المتابعة الدورية للمرضى المعرضين للخطر، مثل المصابين بأمراض الكبد المزمنة، جزءاً أساسياً من استراتيجية الكشف المبكر.
تستمر الأبحاث في مجال علاج سرطان الكبد بوتيرة متسارعة، بهدف تطوير علاجات أكثر فعالية وأقل آثارًا جانبية. في المستقبل القريب، من المتوقع أن نشهد المزيد من الدراسات التي تركز على تحديد العلامات الحيوية التي يمكن أن تساعد في التنبؤ باستجابة المرضى للعلاج المناعي، وتحديد أولئك الذين هم الأكثر عرضة للاستفادة من الجراحة أو زراعة الكبد. وستكون هناك أيضًا حاجة إلى تطوير بروتوكولات موحدة لدمج العلاج المناعي مع الجراحة لضمان حصول جميع المرضى على أفضل رعاية ممكنة.






