وافقت وزارة التجارة الأمريكية مؤخرًا على بيع حوالي 70 ألف شريحة متطورة للذكاء الاصطناعي لشركتين في منطقة الخليج، “هيوماين” السعودية و “G42” الإماراتية. تأتي هذه الموافقة بعد زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لواشنطن، وتعد خطوة مهمة في تعزيز التعاون التكنولوجي بين الولايات المتحدة ودول الخليج، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي. تهدف الصفقة إلى دعم طموحات هذه الدول في تطوير قدراتها في مجال الحوسبة المتقدمة.
وذكرت وزارة التجارة الأمريكية في بيان رسمي أن كلا الشركتين ستحصلان على موافقات لشراء حوالي 35 ألف شريحة بلاكويل من إنتاج شركة إنفيديا، التي تعتبر من بين أكثر الشرائح تطورًا في العالم. يأتي هذا القرار في سياق الجهود المتزايدة من قبل السعودية والإمارات لتعزيز مكانتهما كمركزين إقليميين للذكاء الاصطناعي، وتحقيق التنويع الاقتصادي بعيدًا عن الاعتماد على النفط.
تعزيز التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي بين السعودية والولايات المتحدة
تزامنت هذه الخطوة مع توقيع مذكرة تفاهم “محورية” بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترمب في مجال الذكاء الاصطناعي. تتيح هذه المذكرة للسعودية الوصول إلى الأنظمة الأمريكية الرائدة عالميًا في هذا المجال، مع ضمان حماية التكنولوجيا الأمريكية من أي تأثير أجنبي محتمل. وأكد الأمير محمد بن سلمان خلال قمة البيت الأبيض على أهمية القدرة الحوسبية في تعويض النقص في الموارد البشرية، مشيرًا إلى أن القطاع الخاص الأمريكي سيلعب دورًا رئيسيًا في تحقيق هذا الهدف.
استثمارات سعودية ضخمة في الرقائق
أضاف ولي العهد أن المملكة العربية السعودية تعتزم استثمار 50 مليار دولار في استهلاك الرقائق خلال الفترة القريبة القادمة. ويتطلب ذلك موافقة الولايات المتحدة على هذا الحجم الكبير من الاستهلاك، وهو ما يفسر أهمية الصفقة الأخيرة. أطلقت السعودية شركة “هيوماين” في مايو الماضي لتكون بمثابة حجر الزاوية في استراتيجيتها الشاملة للذكاء الاصطناعي. تهدف “هيوماين” إلى تحقيق السيادة في مجال البنية التحتية للذكاء الاصطناعي داخل المملكة. وكان رئيسها التنفيذي طارق أمين قد صرح سابقًا بأن الشركة تطمح إلى جعل السعودية ثالث أكبر دولة في العالم من حيث البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، بعد الولايات المتحدة والصين.
الإمارات تزيد من استثماراتها التكنولوجية
بالتوازي مع ذلك، كثفت الإمارات من استثماراتها في قطاعي التكنولوجيا والطاقة في الولايات المتحدة بهدف تأمين الرقائق الضرورية لتحقيق طموحاتها في أن تصبح قوة عظمى في مجال الذكاء الاصطناعي. وتعتبر دولة الإمارات من الدول الرائدة في تبني التقنيات الحديثة وتطبيقاتها في مختلف المجالات.
استثمارات إماراتية ضخمة في الولايات المتحدة
في مارس الماضي، أعلن البيت الأبيض أن الإمارات ستستثمر 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة على مدى العقد المقبل. جاء هذا الإعلان عقب اجتماع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ومستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، الذي يشرف على مجموعة “G42” ذات القيمة التقديرية 1.5 تريليون دولار. كما وافق مكتب الصناعة والأمن الأمريكي مؤخرًا على السماح لشركات أمريكية، مثل مايكروسوفت وأوراكل، باستخدام هذه الشرائح الحيوية في مشاريع داخل الإمارات. ومع ذلك، لم تشمل الموافقات السابقة لشركات إماراتية مثل “G42″، مما يجعل الصفقة الأخيرة ذات أهمية خاصة.
يعكس هذا التطور المتزايد اهتمامًا استراتيجيًا من قبل دول الخليج بتطوير قدراتها في مجال التكنولوجيا المتقدمة، وخاصة في مجال الحوسبة عالية الأداء والذكاء الاصطناعي. تشكل هذه التكنولوجيا ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة وتنويع مصادر الدخل. يمثل الحصول على هذه الرقائق المتقدمة خطوة حاسمة نحو تحقيق هذه الأهداف.
ومن المتوقع أن يستمر التعاون بين الولايات المتحدة ودول الخليج في هذا المجال، مع التركيز على تطوير قواعد البيانات الضخمة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات مثل الصحة والطاقة والمالية. يبقى من المهم متابعة تطورات السياسات الأمريكية المتعلقة بتصدير التكنولوجيا المتقدمة، وتأثيرها على خطط دول الخليج في هذا المجال. كما يجب مراقبة التقدم المحرز في تطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في السعودية والإمارات، وتقييم مدى تحقيق أهداف الطموحة التي وضعتها كلتا الدولتين.





