شاركت المملكة العربية السعودية بنشاط في منتدى باريس للسلام 2025، مع التركيز على دورها المتزايد في ضمان التوريد المسؤول للمعادن على الصعيد العالمي. أكد المهندس تركي البابطين، وكيل وزارة الصناعة والثروة المعدنية للتطوير التعديني، التزام المملكة بهذه المبادئ خلال جلسة حوارية مهمة في المنتدى. يهدف هذا الالتزام إلى تعزيز الاستدامة والحوكمة الرشيدة في قطاع التعدين، وهو جزء أساسي من رؤية المملكة 2030.
عُقد منتدى باريس للسلام في العاصمة الفرنسية باريس خلال الفترة من 11 إلى 13 نوفمبر 2025، وجمع قادة وممثلين من الحكومات والشركات والمجتمع المدني من جميع أنحاء العالم لمناقشة قضايا السلام والأمن والاستدامة. مشاركة المملكة، التي تمثلت بشكل بارز في كلمة المهندس البابطين، سلطت الضوء على التطورات الأخيرة في قطاعها المعدني والجهود المبذولة لضمان ممارسات مسؤولة بيئياً واجتماعياً.
أهمية التوريد المسؤول للمعادن للمملكة العربية السعودية
تأتي مشاركة المملكة في هذا المنتدى في وقت تشهد فيه أسواق المعادن العالمية تحولات كبيرة، مع تزايد التركيز على سلاسل الإمداد الشفافة والأخلاقية. يعتبر التوريد المسؤول للمعادن ضروريًا لعدة أسباب، بما في ذلك حماية البيئة، واحترام حقوق الإنسان، ومكافحة تمويل الجماعات المسلحة، وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام. وترى المملكة أن هذه المبادئ تتوافق بشكل وثيق مع أهدافها التنموية طويلة الأجل.
الاستراتيجية الوطنية للتعدين
تستند جهود المملكة في مجال التوريد المسؤول للمعادن إلى الاستراتيجية الوطنية للتعدين التي أطلقتها وزارة الصناعة والثروة المعدنية. تهدف هذه الاستراتيجية، وفقًا للوزارة، إلى تحويل قطاع التعدين إلى ركيزة أساسية في الاقتصاد السعودي، مع التركيز على إضافة القيمة، والابتكار، والاستدامة. يتضمن ذلك تطوير معايير صارمة للممارسات التعدينية، وتشجيع الاستثمار في التقنيات النظيفة، وتعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين.
دور الرؤية 2030
تعتبر مبادرات الاستدامة جزءًا لا يتجزأ من رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط. قطاع التعدين، بما في ذلك التوريد المسؤول للمعادن، يمثل فرصة كبيرة لتحقيق هذه الأهداف، من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وخلق فرص عمل جديدة، وتطوير صناعات ذات تقنية عالية. بالإضافة إلى ذلك، تسعى المملكة إلى أن تكون مركزًا إقليميًا رائدًا في مجال المعايير البيئية والاجتماعية.
أكد المهندس البابطين خلال الجلسة الحوارية على أن المملكة تدرك أهمية التعاون الدولي لتحقيق التوريد المسؤول للمعادن. وأضاف أن المملكة مستعدة للعمل مع جميع الأطراف المعنية لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات، وتطوير حلول مبتكرة لتحديات سلاسل الإمداد المعقدة. وقد أشار إلى مبادرات المملكة في مجال الشفافية، مثل دعم مبادرة “معايير الإفصاح عن المعادن” (Responsible Minerals Initiative – RMI).
بالإضافة إلى التوريد المسؤول، ناقش المنتدى قضايا أخرى ذات صلة بقطاع التعدين، مثل إدارة النفايات، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وحماية التنوع البيولوجي. تعتبر هذه القضايا ذات أهمية متزايدة للمملكة، حيث تسعى إلى تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة. وتشير التقارير إلى أن المملكة تستثمر بشكل كبير في مشاريع الطاقة المتجددة والتقنيات الخضراء لتقليل بصمتها الكربونية.
في سياق متصل، تعمل المملكة على تطوير إطار تنظيمي شامل لقطاع التعدين، يهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعزيز الشفافية والمساءلة. وقد أعلنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية عن خطط لإصدار تراخيص جديدة للتنقيب عن المعادن، وتسهيل إجراءات الاستثمار، وتوفير حوافز ضريبية للشركات التي تلتزم بأعلى معايير الاستدامة.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تواجه المملكة في سعيها لتحقيق التوريد المسؤول للمعادن. تشمل هذه التحديات الحاجة إلى تطوير البنية التحتية، وتوفير الكفاءات المتخصصة، والتغلب على العقبات التنظيمية. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المملكة أن تتعامل مع المخاوف المتعلقة بتأثير التعدين على المجتمعات المحلية والبيئة.
من المتوقع أن تعلن وزارة الصناعة والثروة المعدنية عن تفاصيل إضافية حول خططها لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتعدين في الأشهر القادمة. كما من المقرر أن تستضيف المملكة عددًا من المؤتمرات والندوات الدولية حول التوريد المسؤول للمعادن والاستدامة في قطاع التعدين. سيكون من المهم مراقبة التقدم المحرز في هذه المجالات، وتقييم تأثير هذه المبادرات على الاقتصاد والمجتمع والبيئة.






