زاد استثمار مجلس أبوظبي للاستثمار في صندوق مؤشرات متداول للبيتكوين بشكل ملحوظ خلال الربع الثالث من العام الحالي، قبل أن يشهد سوق العملات المشفرة تراجعات حادة أنهت فترة صعود قوية. هذه الخطوة تعكس اهتمامًا متزايدًا من المؤسسات الاستثمارية الكبرى بالبيتكوين كأصل محتمل للتنويع، على الرغم من التقلبات الشديدة التي تشهدها هذه السوق. ويهدف المجلس، الذراع الاستثمارية المستقلة لحكومة أبوظبي، إلى استكشاف فرص جديدة في الأصول الرقمية.

قام مجلس أبوظبي للاستثمار بزيادة حيازته في صندوق “آي شيرز بتكوين تراست” (iShares Bitcoin Trust) التابع لشركة “بلاك روك” لتصل إلى حوالي 8 ملايين سهم بحلول نهاية سبتمبر، وفقًا لإفصاح تنظيمي حديث. يمثل هذا زيادة كبيرة مقارنة بـ 2.4 مليون سهم كانت بحوزتهم قبل ثلاثة أشهر فقط. وكانت قيمة هذه الحيازة حوالي 518 مليون دولار في ذلك الوقت.

استراتيجية مجلس أبوظبي للاستثمار في البيتكوين

تأتي هذه التحركات في وقت شهد فيه سعر البيتكوين ارتفاعًا قياسيًا في بداية أكتوبر، مدفوعًا بتدفقات كبيرة إلى صناديق المؤشرات المتداولة مثل “آي شيرز بتكوين تراست”. لكن سرعان ما انهار السوق بسبب عمليات تصفية لمراكز مضاربة كبيرة، مما أدى إلى انخفاض سعر البيتكوين إلى ما دون 92 ألف دولار.

ووفقًا للمجلس، فإن تخصيص جزء من محفظتهم للاستثمار في البيتكوين يعتبر جزءًا من استراتيجية تنويع طويلة الأمد. صرح متحدث باسم المجلس أنهم يرون البيتكوين مخزنًا للقيمة، على غرار الذهب، وأنهم يتوقعون أن يلعب دورًا متزايد الأهمية في المستقبل الرقمي.

تأثير حركة رؤوس الأموال

على الرغم من تراجع الأسعار، تواصل بعض المؤسسات الاستثمارية زيادة حيازتها من البيتكوين. فبالإضافة إلى مجلس أبوظبي للاستثمار، قامت شركة “هارفارد مانجمنت” (Harvard Management) أيضًا بزيادة استثمارها في “آي شيرز بتكوين تراست” خلال نفس الفترة. ومع ذلك، شهدت صناديق البيتكوين المتداولة تدفقات خارجة كبيرة في نوفمبر، حيث سحب المستثمرون حوالي 3.1 مليار دولار من 12 صندوقًا أمريكيًا، بما في ذلك “آي شيرز بتكوين تراست”.

تشير البيانات إلى أن صندوق “آي شيرز بتكوين تراست” سجل تدفقات خارجة قياسية بلغت 523 مليون دولار في يوم واحد، بعد أن انخفض سعر العملات المشفرة إلى مستوى هامشي. وهذا يعكس حالة عدم اليقين التي تسود السوق وتأثيرها على المستثمرين.

أهمية استثمارات أبوظبي في سوق العملات الرقمية

تحمل تحركات أبوظبي في هذا القطاع أهمية كبيرة نظرًا لحجم مواردها المالية الهائلة. تُشرف صناديق الثروة التابعة لها على أكثر من 1.7 تريليون دولار، ولعبت دورًا رئيسيًا في تحول الإمارة إلى مركز عالمي للعملات المشفرة في السنوات الأخيرة.

في وقت سابق من هذا العام، استحوذت شركة استثمار تكنولوجي تابعة لصندوق “مبادلة” (Mubadala) على حصة بملياري دولار في منصة تداول العملات المشفرة “بينانس”. هذا الاستحواذ يؤكد التزام الإمارة بتطوير البنية التحتية للعملات الرقمية وجذب الاستثمارات في هذا المجال. ولكن يجب التنويه إلى أن مجلس أبوظبي للاستثمار يعمل بشكل منفصل عن “مبادلة” على الرغم من ارتباطهما.

ويقوم المجلس بتوسيع نطاق عملياته وفرقه التنفيذية العليا، مع التركيز على زيادة الاستثمارات العالمية، بما في ذلك في مجال الأصول الرقمية. وقد عين مؤخرًا مديرين تنفيذيين جدد لتعزيز قدرات الاستثمار في الأسهم الخاصة.

تزايد الاهتمام المؤسسي بالبيتكوين

لا يقتصر اهتمام المؤسسات الحكومية بالبيتكوين على الإمارات العربية المتحدة. أعلن رئيس السلفادور عن جعل البيتكوين عملة قانونية في البلاد عام 2021، وزادت البلاد من حيازتها للبتكوين مؤخرًا. كما قام البنك المركزي التشيكي بالشراء الأول من العملات الرقمية، في خطوات تهدف إلى تقييم دورها المحتمل في تنويع الاحتياطيات.

مع استمرار تطور سوق الاستثمار في البيتكوين، من المتوقع أن تشهد الأسواق المزيد من التذبذبات والتقلبات. سيكون من المهم متابعة تطورات السياسات التنظيمية، والاستثمارات المؤسسية، والتقنيات الجديدة في هذا المجال لتقييم المسار المستقبلي للبيتكوين والعملات المشفرة الأخرى. من المرجح أن تُظهر الأشهر المقبلة ما إذا كانت المؤسسات ستواصل زيادة حيازتها من البيتكوين، أم ستتجه نحو تقليل المخاطر في ظل استمرار حالة عدم اليقين.

شاركها.