انسحب رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو من خطط للانضمام إلى حزب “الوطنيون من أجل أوروبا” اليميني المتطرف في البرلمان الأوروبي، وفقًا لمساعدة مقربة منه، وهي عضوة البرلمان الأوروبي مونيكا بينوفا، كما ذكرت وكالة يورونيوز الإخبارية. يأتي هذا التطور بعد طرد حزب Smer الذي يتزعمه فيكو من مجموعة الاشتراكيين الديمقراطيين في أكتوبر الماضي بتهمة “انتهاك القيم” الأساسية للمجموعة، مما أثار تكهنات حول إمكانية انتقاله إلى تكتل آخر. هذا التغيير في مسار فيكو قد يعيد تشكيل التحالفات السياسية في البرلمان الأوروبي.
أفادت بينوفا ليورونيوز أن فيكو لم يعد يرغب في الانضمام إلى أي مجموعة قائمة، وأنه يخطط لإنشاء مجموعة خاصة به في العام المقبل. يشير هذا القرار إلى رغبة فيكو في الحفاظ على استقلالية حزبه Smer وتجنب الاندماج في تكتل قد لا يتوافق بشكل كامل مع أهدافه السياسية. وقد عقد فيكو اجتماعات مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، لكنه قرر اتباع مسار منفصل.
تطورات سياسية أوروبية: فيكو يبحث عن خيارات جديدة
يتضمن أحد الخيارات المطروحة إنشاء مجموعة برلمانية جديدة في البرلمان الأوروبي تضم أحزابًا يسارية متوافقة في الرأي. تهدف هذه المجموعة المحتملة إلى بناء تحالف حول مبدأ “أصدقاء السلام”، على الرغم من أن تفاصيل هذا التحالف لا تزال غير واضحة. هذا التحرك يعكس تصاعد الخطاب المناهض للحرب في بعض الأوساط السياسية الأوروبية.
يعود أصل حزب Smer إلى الديمقراطية الاجتماعية الأوروبية، لكنه شهد خلافات متزايدة مع التيار الرئيسي في الأشهر الأخيرة، حيث انتقد فيكو ما وصفه بالسياسات التقدمية “المستيقظة” والتي يعتبرها بعيدة عن اهتمامات الطبقة العاملة. وفي المقابل، أنهى الاشتراكيون الديمقراطيون الأوروبيون تعاونهم التاريخي مع فيكو بالإجماع، معتبرين أنه خان القيم المشتركة ولم يعد يمثل الديمقراطية الاجتماعية.
صعود خطاب “السلام” في أوروبا
دعا فيكو مرارًا وتكرارًا إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا، وانتقد الجهود الأوروبية لدعم أوكرانيا وفرض عقوبات على روسيا. يرى فيكو، على غرار أوربان، أن الحرب يجب أن تُحل بين روسيا وأوكرانيا مباشرة، وأن أوروبا تشارك في تحالف حرب لا يسعى إلى السلام. كما صرح في برنامج تلفزيوني في براتيسلافا في أكتوبر بأن هدف السياسة الخارجية السلوفاكية ليس هزيمة روسيا الاتحادية.
تعكس تصريحات فيكو اتجاهًا متناميًا نحو التركيز على الدبلوماسية وإيجاد حلول سلمية للصراعات الدولية، وهو ما يتماشى مع بعض التحركات السياسية في دول أوروبية أخرى.
تتزايد أهمية موضوع السلام في الخطاب السياسي الأوروبي بشكل عام، خاصةً مع استمرار الحرب في أوكرانيا وتداعياتها الإنسانية والاقتصادية.
تشير التقارير الصحفية السلوفاكية إلى أن تحالف Wagenknecht (BSW) الألماني قد يكون مرشحًا للتعاون المستقبلي. تأسست BSW من قبل صاحبة الحزب سارة فاجنكنيشت بعد أن كانت عضوة في حزب Die Linke (اليساري)، وهي معروفة بانتقادها للهجرة وإلقاء اللوم على الغرب في الحرب في أوكرانيا.
إن إنشاء مجموعة سياسية جديدة في البرلمان الأوروبي يمثل تحديًا كبيرًا لفيكو، حيث يتطلب الحصول على تأييد ما لا يقل عن 23 عضوًا من البرلمان الأوروبي يمثلون سبع دول أعضاء على الأقل في الاتحاد الأوروبي. يتطلب هذا الأمر مفاوضات مكثفة وبناء علاقات قوية مع الأحزاب السياسية الأخرى ذات التوجهات المماثلة. وتعتبر هذه العملية بالغة الأهمية لتحقيق النفوذ المطلوب داخل البرلمان. موضوع السياسة الأوروبية يشهد تحولات مستمرة.
تعتبر هذه التحركات جزءًا من إعادة ترتيب وتوازن القوى في البرلمان الأوروبي، خاصةً بعد الانتخابات الأخيرة وتزايد شعبية الأحزاب اليمينية المتطرفة. وهذا التغيير يؤثر على كيفية تعامل الاتحاد الأوروبي مع القضايا الرئيسية مثل الحرب في أوكرانيا، والهجرة، والسياسات الاقتصادية.
من المتوقع أن يستغرق فيكو العام المقبل في التشاور مع الأحزاب المحتملة وتجميع الدعم اللازم لإنشاء مجموعته الجديدة. سيكون من المهم مراقبة تطورات هذه المشاورات وتحديد ما إذا كان فيكو سيتمكن من تحقيق هدفه. تظل الصورة النهائية للتحالفات السياسية في البرلمان الأوروبي غير واضحة حتى الآن، والوضع قد يتغير في الأشهر المقبلة، خاصةً مع اقتراب موعد الانتخابات الأوروبية القادمة.






