أحيت الأمم المتحدة اليوم العالمي لمكافحة الجريمة المنظمة، والذي يوافق 15 نوفمبر من كل عام، تحت شعار “تتبعوا الأموال.. أوقفوا الجريمة المنظمة”. تعتبر الجريمة المنظمة تهديدًا متزايدًا للأمن العالمي، وتتطلب تعاونًا دوليًا مكثفًا لمواجهتها، خاصة مع تطور أساليبها واستخدامها للتقنيات الحديثة في غسل الأموال وتمويل الأنشطة الإجرامية.
وقالت الأمم المتحدة إن نطاق هذه الجرائم واسع، ويشمل تجارة المخدرات، والاحتيال الإلكتروني، والاتجار بالبشر، وتجارة الأسلحة، والمعادن الثمينة، وغيرها. تدر هذه الأنشطة أرباحًا طائلة على الشبكات الإجرامية، وتمتد تأثيراتها السلبية في جميع أنحاء العالم، مما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة.
اقرأ أيضا
list of 2 items
end of list
أبعاد خطورة الجريمة المنظمة
وفقًا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإن الأرباح الناتجة عن الجريمة المنظمة تأتي على حساب خسائر بشرية فادحة. تشير الإحصائيات إلى أن حوالي 22% من جرائم القتل العمد حول العالم بين عامي 2015 و 2021، أي ما يقارب 100 ألف حالة وفاة سنويًا، كانت مرتبطة بأنشطة إجرامية منظمة.
بالإضافة إلى ذلك، تؤدي جرائم الاحتيال إلى خسارة الأفراد لمدخراتهم، بينما تقوض الجرائم الاقتصادية وغسل الأموال استقرار النظم المالية والثقة في المؤسسات. هذه الجرائم لا تقتصر على الأضرار المادية فحسب، بل تمتد لتشمل الأضرار الاجتماعية والأخلاقية التي تؤثر على المجتمعات بأكملها.
تطور أساليب الجريمة المنظمة
تستخدم الشبكات الإجرامية اليوم أدوات رقمية متطورة، بما في ذلك التقنيات السيبرانية المتقدمة، والعملات المشفرة، والشركات الوهمية، لإخفاء مصادر الأموال غير المشروعة وتحويلها. هذا التطور يجعل من الصعب على السلطات تتبع هذه الأموال ومحاسبة المجرمين.
كما أن التعاون عبر الحدود بين المجرمين يزيد من تعقيد جهود مكافحة الجريمة المنظمة. يستغل المجرمون الفروقات في القوانين والأنظمة بين الدول لتجنب الملاحقة القضائية والتهرب من العدالة.
تتبع الأموال: استراتيجية محورية في مكافحة الجريمة
تؤكد الأمم المتحدة على أن تتبع تدفقات الأموال غير المشروعة هو مفتاح فعال في مكافحة الجريمة المنظمة. فمن خلال الكشف عن الشبكات المالية التي تدعم هذه الأنشطة، يمكن لأجهزة إنفاذ القانون تعطيل عملياتها، وملاحقة المسؤولين عنها، واستعادة الأصول المسروقة.
ويرى خبراء الأمن المالي أن تتبع الأموال لا يهدف فقط إلى إيقاف المجرمين، بل يهدف أيضًا إلى تقليص الحوافز المالية التي تدفعهم إلى ارتكاب الجرائم. هذا بدوره يساهم في تعزيز العدالة وتحقيق التنمية المستدامة على المدى الطويل.
تعتبر مكافحة غسل الأموال و تمويل الإرهاب من الركائز الأساسية في مواجهة الجرائم المالية، و يتطلب ذلك تطوير أنظمة الرقابة و الإبلاغ و التعاون الدولي.
مساعي دولية لمكافحة الجريمة المنظمة
تتبنى العديد من الدول مبادرات وبرامج تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الجريمة المنظمة. تشمل هذه المبادرات تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتقديم المساعدة القانونية المتبادلة، وتنفيذ عمليات مشتركة لاستهداف الشبكات الإجرامية العابرة للحدود.
اندلعت نقاشات مؤخرا في الاتحاد الأوروبي حول تعزيز الإطار القانوني للتعامل مع التهديدات الإجرامية الناشئة، لا سيما فيما يتعلق بالجرائم الإلكترونية والاتجار بالبشر.
من المتوقع أن تستمر الأمم المتحدة في قيادة الجهود الدولية لمكافحة الجريمة المنظمة من خلال توفير الدعم الفني والمالي للدول، وتعزيز الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بهذا الشأن. كما ستعمل على زيادة الوعي العام بمخاطر هذه الجرائم وتشجيع الإبلاغ عنها.
من المقرر أن تقدم الأمم المتحدة تقريرًا مفصلاً حول التطورات الأخيرة في مجال الجريمة المنظمة في الربع الأول من عام 2026، والذي سيشمل توصيات حول كيفية تعزيز الاستجابة العالمية لهذا التحدي المتزايد. وسيكون من المهم متابعة هذا التقرير لمعرفة التوجهات الجديدة في مكافحة الجريمة المنظمة والخطوات التالية التي يجب اتخاذها.






