تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مصمونه: ما حكم صلاة المرأة بالنقاب؟ فهناك طالبة في المرحلة الجامعية ترى بعض زميلاتها المنتقبات يصلين في مصلى السيدات بالجامعة وهن مُسدِلات النقاب على وجوههن، فما حكم ذلك شرعًا؟
وأجابت الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: ستر المرأة جميعَ بدنها عدا وجهها وكفيها -وقدميها كما هو قول جماعة من الفقهاء- من شروط صحة الصلاة، ويكره للفتيات المذكورات صلاتهن ساتراتٍ وجوهَهن لغير حاجة مُعتبرةٍ شرعًا؛ لما ورد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يُصَلِّ أَحَدُكُم وَثَوبُهُ عَلَى أَنفِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَطمُ الشَّيطَانِ» أخرجه الإمام الطَّبَرَانِي.
بيان أنّ ستر العورة من شروط صحة الصلاة
من المقرر شرعًا أن سترَ العورةِ شرط من شروط صحة الصلاة، وذلك عملًا بعموم قول الحق تبارك وتعالى: ﴿يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: 31]، إذ الزينة هاهنا محمولة على ستر العورة، فاقتضَى ذلك وجوب الاستتار بالثياب الموارية للعورة عند كل صلاة، كما في “مفاتيح الغيب” للإمام فخر الدين الرازي (14/ 229، ط. دار إحياء التراث العربي).
وما ورد عن السَّيدة عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تُقبَلُ صَلَاةُ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ» أخرجه الأئمة: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وأحمد.
والمقصود بـ”الحائض”: من بلغت سن الحيض، كما في “التَّوضيح” للإمام سراج الدين بن المُلَقِّن (4/ 17، ط. دار النوادر).
عورة المرأة في الصلاة
عورة المرأة في الصلاة جميع جسدها عدا الوجه والكفين على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، وزاد الحنفية القدمين. يُنظر: “البحر الرائق” للإمام زين الدين بن نُجيم الحنفي (1/ 284، ط. دار الكتاب الإسلامي).
ويكره للمرأة أن تصلي بالنقاب لغير حاجة مُعتبرةٍ شرعًا. وقد ورد نهي عن صلاة المرأة حال كون نقابها مُنسَدِلًا ومرتخيًا على وجهها؛ لما في ذلك من تعذُّر مباشرة موضع السجود بالجبهة والأنف.
قال الإمام ابن عبد البَرِّ في “التمهيد” (6/ 364-365، ط. أوقاف المغرب): [وقد أجمعوا على أن المرأة تكشف وجهها في الصلاة.. لإجماع العلماء على أن للمرأة أن تصلي المكتوبة ويداها ووجهها مكشوف ذلك كله منها تباشر الأرض به، وأجمعوا على أنها لا تصلي متنقبة] اهـ.
حكم صلاة المرأة بالنقاب
صلاة المرأة بالنقاب دون حاجة يُعد من باب الغلو والإفراط. وقد عدَّ بعضُ الفقهاء ذلك من مكروهات الصلاة.
قال الإمام أبو البركات الدَّردِير في “الشرح الكبير” مع “حاشية الإمام الدُّسُوقِي” (1/ 218): [(و)كره (انتقاب امرأة) أي: تغطية وجهها بالنقاب، وهو ما يصل للعيون في الصلاة؛ لأنه من الغلو] اهـ.
وفي حالة وجود حاجة، مثل حضور رجال أجانب، فلا كراهة في صلاة المرأة بالنقاب. قال الإمام تقي الدين الحِصنِي في “كفاية الأخيار” (ص: 93، ط. دار الخير) مبينًا ما يُستَثنى من كراهة صلاة المرأة منتقبة: [إلا أن تكون في مسجد وهناك أجانب لا يحترزون عن النظر] اهـ.
وفي النهاية، فإن دار الإفتاء المصرية قد أوضحت أن ستر المرأة جميع بدنها عدا وجهها وكفيها من شروط صحة الصلاة، ويكره للمرأة أن تصلي بالنقاب لغير حاجة مُعتبرةٍ شرعًا.






