أصدرت فرنسا لأول مرة “سندات الدفاع الأوروبية” بقيمة مليار يورو لدعم شركاتها الدفاعية، وقد حظيت بإقبال كبير من المستثمرين، حيث تجاوزت الطلبات 3.8 مليار يورو، أي ما يقرب من أربعة أضعاف القيمة المعروضة. وأوضحت Bpifrance، وهي بنك الاستثمار العام في فرنسا، أن ثلثي المستثمرين جاءوا من خارج فرنسا.
جاءت هذه الخطوة في إطار تعزيز الاستقلالية الاستراتيجية والقدرات الدفاعية الأوروبية، حيث تهدف “سندات الدفاع الأوروبية” إلى دعم الصناعات الدفاعية داخل القارة. وقد لاقت هذه المبادرة استحسانًا كبيرًا من المستثمرين الأوروبيين، خاصة من منطقة الشمال الأوروبي والجنوب الأوروبي.
دور “سندات الدفاع الأوروبية” في تعزيز القدرات الدفاعية
أكد نيكولا دوفورك، الرئيس التنفيذي لـBpifrance، أن هذه المبادرة تأتي لدعم الشركات المبتكرة وتعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية، مع التركيز بشكل خاص على الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تلعب دورًا حاسمًا في سلسلة القيمة الدفاعية. وسيتم استخدام عائدات الإصدار لتمويل أو إعادة تمويل القروض المخصصة لقطاع الدفاع في إطار برنامج Def’fi التابع لـBpifrance.
يأتي هذا الإصدار في وقت تسعى فيه الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى إعادة التسلح بشكل سريع وكبير في ظل التهديد الروسي. وقد طرحت المفوضية الأوروبية خطة تستهدف استثمار ما يصل إلى 800 مليار يورو في الدفاع بحلول نهاية العقد.
تمويل الدفاع والتحديات المتعلقة بالديون المشتركة
ومع ذلك، تواجه هذه الخطط معارضة من بعض الدول الأعضاء، خاصة تلك التي تعارض الديون المشتركة، حيث يرى البعض أن تجربة خطة التعافي بعد جائحة كورونا أظهرت مخاطر الديون المشتركة بسبب ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة. وقد سمحت المفوضية حتى الآن لـ16 دولة بالخروج عن القواعد المالية الصارمة لزيادة الإنفاق الدفاعي.
وفي هذا السياق، تعمل المفوضية الأوروبية على تقليل العقبات البيروقراطية أمام شركات الدفاع، بما في ذلك تحسين الوصول إلى التمويل. وتواجه شركات الدفاع تحديات تمويلية بسبب معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) التي يضعها الاتحاد الأوروبي، حيث تُعتبر أنشطة الدفاع “غير مستدامة” بموجب التصنيف الأوروبي للأنشطة المستدامة.
آفاق المستقبل
وفي ضوء هذه التطورات، تتجه الأنظار إلى الخطوات المقبلة للاتحاد الأوروبي في تعزيز قدراته الدفاعية وتمويل الصناعات الدفاعية. ومن المتوقع أن تستمر المناقشات حول استخدام أدوات مالية مبتكرة مثل “سندات الدفاع الأوروبية” لدعم هذا القطاع الحيوي.
وتظل مسألة الديون المشتركة وموقف الدول الأعضاء منها من أهم العوامل التي ستحدد مستقبل التمويل الدفاعي في أوروبا. ومع استمرار التوترات الجيوسياسية، سيظل دعم الصناعات الدفاعية أولوية لدى العديد من الدول الأوروبية.






