اعتمد مجلس المفوضين الأوروبيين يوم الأربعاء إطارًا جديدًا للتعامل مع الثقافة بعنوان “بوصلة الثقافة لأوروبا”، وهو أول نهج متكامل للاتحاد الأوروبي في هذا المجال. يهدف هذا الإطار، الذي طوره المفوض الأوروبي للثقافة والشباب والرياضة غلين ميكالييف، إلى جمع الأفكار وتعزيز الممارسات الجيدة وتشكيل الأولويات التشريعية المستقبلية في قطاع الثقافة.

ويأتي اعتماد “بوصلة الثقافة لأوروبا” في وقت يشهد فيه قطاع الثقافة الأوروبي تحديات كبيرة، حيث يواجه الفنانون والمهنيون في هذا القطاع ظروف عمل غير مستقرة وأجورًا منخفضة. وقد أشار ميكالييف إلى أن الثقافة تساهم بـ 200 مليار يورو سنويًا في الاقتصاد الأوروبي، وأن 40% من السياحة في أوروبا هي سياحة ثقافية.

تعزيز الحرية الفنية وحماية الحقوق

أكد ميكالييف على أهمية تعزيز الحرية الفنية في أوروبا، مشيرًا إلى أن هذه الحرية تعتبر درعًا ضد الانقسام والتطرف. وأضاف أن “بوصلة الثقافة لأوروبا” ستسهم في تعزيز هذه الحرية من خلال مجموعة من الإجراءات، بما في ذلك نشر تقرير دوري عن حالة الثقافة في الاتحاد الأوروبي.

سيتم تغذية هذا التقرير بمركز بيانات ثقافية أوروبي يراقب التطورات ويجمع أفضل الممارسات، بينما سيتم تتبع التقدم المحرز من خلال آلية تبادل رفيع المستوى على مستوى الاتحاد الأوروبي. ومن المتوقع أن يتم اعتماد “بوصلة الثقافة لأوروبا” رسميًا من قبل المؤسسات الثلاث للاتحاد الأوروبي بحلول عام 2026.

التحديات التي تطرحها التكنولوجيا الرقمية

يواجه قطاع الثقافة الأوروبي تحديات كبيرة نتيجة للتطورات التكنولوجية، خاصة فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي. أشار ميكالييف إلى أن هذه التكنولوجيا تُحدث تأثيرًا عميقًا في قطاع الثقافة، ولكنها تتطلب أيضًا شروطًا مناسبة لضمان استفادة الفنانين والمهنيين في هذا القطاع منها.

أحد التحديات الرئيسية التي يطرحها الذكاء الاصطناعي هو مسألة حقوق النشر. حيث أعرب العديد من الفنانين عن استيائهم من استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي لمحتوى محمي بحقوق النشر دون إذن منهم. وقد أدى ذلك إلى إجراءات قانونية ضد الشركات التي تستخدم هذه النماذج.

في هذا السياق، أشار ميكالييف إلى الأطر التنظيمية القائمة في الاتحاد الأوروبي التي تنظم استخدام التكنولوجيا الرقمية، بما في ذلك قانون الخدمات الرقمية وقانون الذكاء الاصطناعي وتوجيه حقوق النشر. وأضاف أن “بوصلة الثقافة لأوروبا” ستعمل على تطوير استراتيجية جديدة للذكاء الاصطناعي في قطاع الثقافة والإبداع.

تحسين ظروف العمل للفنانين

يواجه الفنانون والمهنيون في قطاع الثقافة الأوروبي ظروف عمل صعبة، حيث غالبًا ما يضطرون للعمل في وظائف ثانية لضمان دخلهم. وقد أشار ميكالييف إلى أن نصف العاملين في هذا القطاع يعانون من ظروف عمل سيئة، وأن هذا الوضع يجب أن يتغير إذا أردنا أن يستمر قطاع الثقافة في المساهمة بشكل فعال في المجتمع والاقتصاد الأوروبي.

لتحسين ظروف العمل للفنانين، تقترح “بوصلة الثقافة لأوروبا” إنشاء ميثاق أوروبي للفنانين. سيوصي هذا الميثاق بالالتزامات بظروف عمل عادلة وسيزيد من الامتثال والمساءلة. وقد أشار ميكالييف إلى أن النقاش حول هذا الميثاق سيبدأ في ديسمبر المقبل.

من المتوقع أن يواجه تنفيذ “بوصلة الثقافة لأوروبا” تحديات، خاصة فيما يتعلق بالتوفيق بين مصالح مختلف الأطراف المعنية. ومع ذلك، يظل الهدف هو تعزيز دور الثقافة في المجتمع الأوروبي وضمان مستقبل أفضل للفنانين والمهنيين في هذا القطاع.

شاركها.