يغذي عدم الاستقرار في اليمن ومنطقة القرن الأفريقي عودة نشاط القرصنة البحرية قبالة سواحل الصومال، مما يثير القلق في واحد من أكثر ممرات الشحن ازدحاماً في العالم.
وبحسب عمليات التجارة البحرية البريطانية (UK Maritime Trade Operations)، وهي جهة بحرية تربط بين القوات العسكرية والسفن التجارية، فقد وقعت ثلاثة حوادث على الأقل الشهر الجاري قبالة سواحل دولة القرن الأفريقي، ما يعيد إلى الأذهان الفوضى التي أثارها القراصنة الصوماليون على طول الساحل الشرقي لأفريقيا لأكثر من عقد من الزمن.
قوات أوروبية تحذر من تجدد تهديد القرصنة البحرية
بلغت الهجمات ذروتها عند 176 هجوماً في عام 2011، وكانت عملية اختطاف في عام 2009 أساساً لفيلم “كابتن فيليبس” (Captain Phillips) الذي رُشّح لجائزة الأوسكار عام 2013 وقام ببطولته توم هانكس. ولم تبدأ هذه الهجمات بالتراجع إلا بعد تكثيف الدوريات الدولية من قبل قوات بحرية من ضمنها “القوة البحرية للاتحاد الأوروبي” (EU Navfor)، واستخدام حراس مسلحين على متن السفن، ووجود حكومة مركزية أقوى في الصومال.
اقرأ المزيد: تهديدات الحوثيين تفاقم أعمال القرصنة قبالة ساحل الصومال
وقالت بعثة “أتالانتا” (Atalanta) التابعة لـ”القوة البحرية للاتحاد الأوروبي”، والتي تقوم بدوريات في المياه الصومالية، في رد عبر البريد الإلكتروني على استفسارات، إن عدم الاستقرار الناتج عن تهديد جماعة الحوثي في اليمن – المصنّفة جماعة إرهابية من قبل الولايات المتحدة – إضافة إلى التوترات بين دول المنطقة والخلافات الداخلية في بعض البلدان، “فُهم من قبل شبكات القراصنة كفرصة لاستئناف محاولات القرصنة”.
حررت “أتالانتا” يوم الجمعة ناقلة ترفع علم مالطا قرب بلدة إيل الساحلية، التي كانت معقلاً للقرصنة في أواخر العقد الأول من الألفية.
5 حوادث قرصنة قبالة الصومال واليمن في 9 أشهر
قالت بعثة “أتالانتا”: “كُبحت القرصنة، لكن لم يُقض عليها”.
أُبلغ عن خمس حوادث في المياه قبالة الصومال وخليج عدن خلال الأشهر التسعة حتى سبتمبر، وفقاً للمكتب البحري الدولي.
وصرّح المكتب، وهو جهة رقابية، بأنه “قلق من سلسلة حوادث القرصنة التي وقعت الأسبوع الماضي في المحيط الهندي”.
اقرأ أيضاً: تحقيق قناة السويس 7 مليارات دولار في 2025.. هدف يواجه رياحاً معاكسة
ويرى دانيال مولر، كبير المحللين ورئيس قسم الشرق الأوسط والمحيط الهندي في شركة “أمبري” (Ambrey) البريطانية للأمن البحري، أن التهديد الذي يواجه قطاع الشحن مرجّح أن يستمر، “إذ أن القرصنة بطبيعتها قائمة على استغلال الفرص”.
قال مولر إن معالجة الأسباب التي تدفع الأفراد إلى ممارسة القرصنة يجب أن تتجاوز التدخلات العسكرية بهدف تقليل تكرار هذه الظاهرة.
الصومال يقر قانوناً لمكافحة القرصنة
وأضاف: “تعزيز الجهود العسكرية لمكافحة القرصنة والتطبيق الواسع لتدابير تحصين السفن وتزويدها بأفراد أمن، سيحد على الأرجح من احتمال وقوع عمليات اقتحام لسطح السفينة أو اختطاف”. لكنه أشار إلى أن “هذه التدابير ستعالج فقط أعراض القرصنة”.
قد يهمك: قراصنة يهاجمون ناقلة نفط بالمحيط الهندي قبالة سواحل الصومال
ولردع عودة نشاط القرصنة، صادق نواب الصومال يوم الإثنين على تشريع لمكافحة هذه الظاهرة. إلا أن الدولة تفتقر إلى الموارد أو القدرات اللازمة لاحتواء الجريمة، وتعتمد على القوات الأجنبية في حماية كبار المسؤولين والمقار الحكومية.
حصلت الصومال على إعفاء من ديون بقيمة 4.5 مليار دولار من المقرضين الدوليين في عام 2023، وهي تخرج تدريجياً من عقود من الحرب الأهلية وتخوض في الوقت ذاته معارك ضد ميليشيات مرتبطة بجماعات إرهابية عالمية.






