تسارعت وتيرة موجة البيع في أسهم شركات أشباه الموصلات عالمياً بسبب المخاوف من ارتفاع تقييمات بعض أكبر المستفيدين من طفرة الذكاء الاصطناعي.

دفعت شركتا تصنيع الذاكرة “سامسونج إلكترونيكس” و”إس كيه هاينكس” مؤشر “كوسبي” الكوري الجنوبي إلى التراجع بنسبة وصلت إلى 6.2% يوم الأربعاء، قبل أن يقلّص المؤشر جزءاً كبيراً من خسائره لاحقاً.

تراجعت أسهم شركة “أدفانتست” (Advantest) اليابانية بنسبة 10%، في حين هبطت أسهم شركة “تايوان سيميكوندوكتور مانوفاكتشورينغ” (Taiwan Semiconductor Manufacturing)، أكبر شركة في آسيا، بأكثر من 3%. وجميع هذه الشركات من بين الموردين لشركة “إنفيديا”.

اقرأ أيضاً: “إنفيديا” تبرم صفقات ذكاء اصطناعي كبرى في كوريا الجنوبية

خسائر سوقية ضخمة

 أدت ضغوط البيع إلى محو نحو 500 مليار دولار من القيمة السوقية المجمّعة لمؤشر “فيلادلفيا لأشباه الموصلات” يوم الثلاثاء، ومؤشر “بلومبرغ” الذي يتتبع أداء أسهم شركات الرقائق في آسيا يوم الأربعاء.

يشير هذا التراجع إلى تزايد القلق حيال قدرة القطاع على تحقيق الأرباح وارتفاع تقييمات الأسهم، لا سيما إذا ظلت أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول.

في الوقت نفسه، يدفع شعور “الخوف من تفويت الفرصة” بعض المستثمرين إلى الإسراع في العودة إلى السوق.

اقرأ أيضاً : كيف تتفاعل طفرة أسهم الذكاء الاصطناعي؟

تحذيرات من صناديق التحوط

قال تشاوي ياك، الرئيس التنفيذي لصندوق التحوط متعدد الاستراتيجيات “غاو كابيتال” (GAO Capital) في سنغافورة: “لن أقول إن الوقت مناسب للشراء أثناء انخفاض الأسهم حالياً، فمعظم الأسعار التي ارتفعت في السابق لم تكن نتيجة لأداء قوي للشركات، لذلك، لا يمكن اعتبار الهبوط الحالي فرصة شراء مغرية”. و”لكن إذا تراجعت بعض أسهم شركات التقنية الكبرى بنسبة 15% أو 20%، عندها يمكننا التفكير في الشراء”. 

تحذيرات كبار مسؤولي “وول ستريت” من “تصحيح طال انتظاره” ضغطت على أداء القطاع هذا الأسبوع، في ظل تراجع التوقعات بخفض أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي، واستمرار إغلاق الحكومة الأميركية لفترة أطول من المتوقع.

اقرأ أيضاً: موافقاً التوقعات.. “الفيدرالي الأميركي” يخفض الفائدة 25 نقطة أساس للمرة الثانية

زاد مدير صندوق التحوط “مايكل بيري” من حدة الموجة البيعية، بعدما كشف أنه كون مراكز تراهن على انخفاض أسهم شركتي “بالانتير تكنولوجيز” (Palantir Technologies) و”إنفيديا”. 

سهم “بالانتير” كان من أبرز العوامل التي أشعلت موجة الهبوط في “وول ستريت”، بعدما كشفت الشركة عن توقعات خيّبت آمال المستثمرين.

شهدت أسهم “أدفانسد مايكرو ديفايسز” (AMD) ردّ فعل مماثل بعد إعلان نتائجها وتوقعاتها عقب إغلاق السوق، ما فاقم من حدة التراجع في جلسة التداول الآسيوية يوم الأربعاء.

صورة قاتمة للمخاطر في الأسواق

 قال كريس ويستون، رئيس قسم الأبحاث في “بيبرستون غروب” (Pepperstone Group): “موجة هبوط عارمة تجتاح مختلف الأسواق ترسم صورة قاتمة ومحبِطة لمستوى المخاطر”.  وأضاف “علينا أن نبقى منفتحين على احتمال استمرار هذا التراجع. ببساطة، لا توجد أسباب كثيرة للشراء حالياً”.  ازدادت المخاوف من أن أسعار الأسهم باتت مرتفعة للغاية.

 يُتداول مؤشر “فيلادلفيا لأشباه الموصلات” حالياً عند نحو 28 ضعفاً للأرباح المتوقعة، مقارنة بمتوسط خمس سنوات يقل عن 22 ضعفاً.

يرى بعض المحللين أن هذا التراجع أمر إيجابي، إذ يخفف من الزخم المفرط في الارتفاع السابق، ويمنح الأسهم قدراً من الانخفاض يجعلها أكثر جاذبية من حيث السعر.

مع استمرار شركات التكنولوجيا العملاقة مثل “أمازون” و”ميتا بلاتفورمز” في ضخ مزيد من الاستثمارات في مشاريع الذكاء الاصطناعي، يُتوقّع أن تجني شركات الرقائق والتقنيات الأخرى مزيداً من المكاسب في نتائج أعمالها وأسعار أسهمها.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يهيمن على الاستثمار الجريء ويجذب 193 مليار دولار

 تقلبات يومية تواجه المستثمرين

في الوقت الراهن، يتعيّن على المستثمرين المؤسسيين والأفراد على حدّ سواء التكيّف مع التقلبات اليومية في الأسواق.

انخفض مؤشر “غولدمان ساكس” للأسهم المفضلة لدى المستثمرين الأفراد بنسبة 3.6% يوم الثلاثاء، أي ما يعادل نحو ثلاثة أضعاف خسائر مؤشر “ستاندرد آند بورز 500”.

أمضى فيكاس برشاد، مدير محفظة الأسهم الآسيوية في شركة “إم آند جي إنفستمنتس” (M&G Investments)  ليلته ساهراً  في سنغافورة يتابع فوضى الأسواق.  وقال: “تابعت السوق حتى ذهبت للنوم عندما أغلقت السوق الأميركية في الرابعة صباحاً، نمت قليلاً ثم استعددت لجلسة آسيا”.

وأضاف “لقد ارتفعت الأسواق بسرعة كبيرة وفي وقت قصير، لذلك لا ينبغي للمستثمرين أن يشعروا بالدهشة حال استمر هذا التراجع غداً وبعد غد”، مشيراً إلى أن الوقت الحالي مناسب لمراقبة فرص الشراء.

شاركها.