تفصل بين دبي ولاس فيغاس مسافة تزيد عن 12 ألف كيلومتر، ومع ذلك تتشارك المدينتان العديد من السمات، خصوصاً في قطاع السياحة.

فكلتاهما تراهنان على الفعاليات الضخمة واعتدال الطقس شتاءً لاستقطاب الزوار، كما تقترب الإمارة من إصدار أول رخصة كازينو فيها. واليوم، نجحت دبي في التفوّق على لاس فيغاس في إحدى أبرز نقاط تميزها، فقد أظهرت بيانات حديثة جمعتها مجموعة “كوستار” (CoStar Group) لصالح بلومبرغ أن عدد الغرف الفنادقية في دبي بات يفوق نظيره في عاصمة المنتجعات الأميركية.

دبي تزدهر بين مراكز الضيافة العالمية

 ازدهرت دبي طوال سنوات كمحطة عبور جوي أكثر من كونها وجهة إقامة، وتطلب تحفيز المسافرين على المكوث في المدينة بدلاً من الاكتفاء بالتوقف في مطارها إعداد البنية التحتية اللازمة لذلك، وهو ما دفع دبي إلى مضاعفة عدد الأسرّة الفندقية خلال العقد الماضي.

اقرأ أيضاً: دبي تحيي مشروع “نخلة جبل علي” بعد سنوات من التوقف

وباستثناء المدن الصينية التي تستفيد من الزخم السياحي المحلي في ثاني أكثر دول العالم سكاناً، باتت دبي اليوم تحتل المركز الثاني عالمياً من حيث عدد غرف الفنادق، بعد لندن مباشرة.

تتجاوز أوجه الشبه بين دبي ولاس فيغاس مسألة الفنادق. فقبل بضعة أشهر فقط، تفاخرَت خبيرة من لاس فيغاس في دليل مدن نشرته “بلومبرغ بيرسوتس” بأن مدينتها “بُنيت حرفياً من لا شيء، في قلب الصحراء”، وهو وصف ينطبق على دبي أيضاً.

















دبي تتفوق على لاس فيغاس الأميركية في سباق الفنادق
المركز المدينة عدد الغرف الفندقية المتاحة (بالآلاف)
1 شنغهاي 384.1
2 بكين 372.2
3 قوانغتشو 173.8
4 هانغتشو 161
5 لندن 152.7
6 دبي 151.8
7 شنتشن 150.3
8 شانغدو 149.2
9 لاس فيغاس 146
10 بانكوك 123.5
المصدر: مجموعة “كو ستار”

وكما استوحت فيغاس مفاهيم طهو ناجحة من مختلف أنحاء العالم وأعادت تقديمها في فنادقها ومنتجعاتها، فعلت دبي الأمر نفسه. ومن بين أبرز الإضافات الجديدة مطعم “تشاينا تانغ” القادم من لندن، و”بومباي كلوب” من مومباي، و”لو ريليه دو لانتركوت” الباريسي.

وفيما تعزّز لاس فيغاس حضورها الرياضي من خلال فرق في دوري كرة القدم الأميركية ودوري السيدات لكرة السلة ودوري الهوكي، تسير الإمارات على النهج نفسه، إذ تستضيف أبوظبي المجاورة سباقات “فورمولا 1” ومباريات تمهيدية لدوري كرة السلة الأميركي، على مسافة قريبة من دبي.

اقرأ أيضاً: كيف أصبحت الإمارات المركز العالمي لرياضة الكريكيت؟

جميع هذه العوامل عزّزت مكانة دبي كوجهة ترفيهية تستحق الزيارة مرة بعد مرة.

فنادق دبي تحقق طفرة شاملة

تشمل الطفرة الفندقية في دبي مختلف الفئات، من الإقامات ذات الأسعار المعقولة إلى المنتجعات الفاخرة من فئة الخمس نجوم، ولا مؤشرات على تباطؤ هذا النمو.

من بين أبرز الافتتاحات المرتقبة “برج سيل” الذي سيصبح أعلى فندق في العالم عند افتتاحه في نوفمبر، ويضم 1004 غرف و8 مطاعم موزعة على 82 طابقاً في منطقة مرسى دبي. وهو ليس إلا واحد فقط من بين 56 فندقاً كان قيد الإنشاء في المدينة مطلع العام الجاري، وفقاً لبيانات “لودجينغ إيكونوميكس” (Lodging Economics)، حيث تضيف هذه المشاريع مجتمعة أكثر من 15 ألف غرفة جديدة إلى إجمالي المعروض الفندقي في دبي.

اقرأ أيضاً: عائلة الغرير تدخل سباق العقارات الفاخرة في دبي

تسير المطاعم في دبي بالاتجاه ذاته. ففي عام 2024 وحده، أصدرت الإمارة 1200 رخصة جديدة، في وقت تشهد النوادي الشاطئية في منطقتَي “نخلة جميرا” و”مرسى دبي” إقبالاً واسعاً، حتى باتت أشبه بنسخة محلية من حفلات المسابح الشهيرة في لاس فيغاس.

 ازدهار دبي مقابل تراجع لاس فيغاس

لكن ثمة فارق جوهري يميز المدينتين: فالنشاط السياحي في دبي يشهد نمواً مطّرداً، بينما يتراجع في لاس فيغاس.

بين يناير ومايو، بلغ متوسط إشغال الفنادق في دبي 83%، ارتفاعاً من 81% خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بحسب بيانات رسمية. في المقابل، تظهر أرقام “كوستار” (CoStar) أن فنادق “ذا ستريب” في لاس فيغاس سجلت تراجعاً شهرياً في معدلات الإشغال تراوح بين 1% و5% منذ فبراير 2025 مقارنة بالعام السابق.

كذلك، تواجه كل من دبي ولاس فيغاس تحديات جيوسياسية معقدة. فتراجع السياحة في لاس فيغاس يعود في جزء منه إلى من المشكلات في توافد السياح الدوليين إلى الولايات المتحدة عامة بفعل الرسوم الجمركية، والتحوّل في سلوك الكنديين الغاضبين.

اقرأ أيضاً: مسافرون أوروبيون يلغون رحلاتهم إلى أميركا بعد احتجاز سياح على الحدود

في المقابل، تسجّل دبي أداءً قوياً رغم الاضطرابات الإقليمية، بما في ذلك الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وإيران في يونيو واستمرت 12 يوماً، وأدت إلى إغلاق مؤقت للمجال الجوي الإماراتي.

وتُعد القدرة على الصمود في وجه مثل هذه الأحداث عاملاً حاسماً في استشراف مستقبل المدينتين، لا يقل أهمية عن عدد الغرف الفندقية المتاحة فيهما.

شاركها.