قال محمد الجدعان وزير المالية السعودي، ورئيس اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية التابعة لصندوق النقد الدولي إن المجتمع الدولي لا يبذل جهداً كافياً للتعامل مع موضوع الديون السيادية.
وأشار إلى أن “هناك إشارات مبدئية على أن هذه المشكلة أصبحت تحدياً وخيماً، المقلق أننا على الساحة العالمية لا نبذل ما يكفي من جهود للتصدي لهذه المشكلة”.
خلال مشاركته بالجلسة النقاشية المصغرة التي يستضيفها “المجلس الأطلسي” على هامش الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك وصندوق النقد الدوليين لعام 2025 في واشنطن، بعنوان: استكشاف التوقعات الاقتصادية للسعودية والعالم. قال رئيس اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية التابعة لصندوق النقد الدولي إن “الإطار المشترك” هو الهيكل الوحيد الموجود للبلدان التي تعاني لإعادة هيكلة ديونها، مستشهدا بنجاح 5 بلدان في هذه العملية، مشيرا إلى إنه الإطار الأول والوحيد الذي يجمع فعلياً أعضاء نادي باريس، والدول غير الأعضاء فيه، والدائنين من القطاع الخاص.
أوضح أنه “ليس هناك ضبط مؤسسي مناسب للشفافية، لقد طالبت بإضفاء طابع مؤسسي على الهيكلة، حتى نتمكن من الاتفاق على أمانة عامة، وأمانة عامة دائمة، تماماً مثل نادي باريس، وربما حتى عملية أكثر وضوحاً تشبه اتفاقية مستوى الخدمة بين الدائنين الذين يحتاجون إلى الاجتماع معاً، وما الذي يجب القيام به، ونوع البيانات التي يمكن تبادلها ومدى الشفافية والسهولة التي نجعل بها الأمر بالنسبة للدول للتقدم”.
أكد الجدعان أن الديون السيادية “من المخاطر العالمية التي نراقبها” في اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية التابعة لصندوق النقد الدولي.
كلفة خدمة الديون
شدد الجدعان على أن التحديات “واضحة بشكل ملفت، هناك 3.4 مليار شخص -أي نصف سكان العالم- يعيشون في بلدان تنفق على خدمة الدين أكثر مما تدفعه على المرافق الأساسية كالتعليم والصحة. وهذا سوء تخصيص موارد مقارنة بالاحتياجات الماسة”.
وقال الجدعان إن الدين العام المرتفع “يُقيّد المساحة المالية ويضيق المجال للعمل”، و”الاقتصادات محدودة الدخل بحاجة إلى مساحة مالية أوسع لإدارة المجتمع الذي يشيخ واليد العاملة المتراجعة والاستفادة من التقدم التكنولوجي”.
لإدارة الدين، قال الجدعان إن الأمر لا يقتصر على تقليصه فقط، بل “استخدام الديون بحكمة”. وأوضح أن “أغلب الاقتصاديين يرون أن المسار الجيد لتحويل الدين إلى ثروة أمر يعتمد على حسن تسيير الدين السيء نحو استثمارات ذكية قادرة على دفع عجلة الازدهار والنمو، والاستثمار في البنية التحتية الحرجة والتوسع في الترابط، والاستثمار في رأس المال البشري”.
وأشار الجدعان أن كلفة الديون تمثل “ضريبة تُفرَض على الجيل المقبل، دون إعطائه أداة تساعده”.
سياسة الاقتراض السعودية
بخصوص تجربة السعودية، أوضح وزير المالية أن المملكة لديها نسبة ديون منخفضة جداً نسبةً للناتج المحلي الإجمالي بين دول العشرين، وهو ما أرجعه إلى “السياسة المركزة عند الاقتراض”.
وأوضح الجدعان أن السعودية تقترض لتمويل الإنفاق على “البرامج الاستراتيجية ذات الانتاجية التي تستحدث الفرص”. وأضاف “إذا تمكنت من استحداث نمو غير نفطي بنسبة 4.8% وبتكلفة اقتراض أقل، فأنت على الجانب الجيد، وهذه السياسة المركزة التي تقضي بالاقتراض لتمويل أصل منتج يمنح عائداً للجيل الحالي والأجيال المقبلة”.
الجدعان أشار إلى أن العجز المالي في الميزانية السعودية هو “اختياري” بسبب “استثمار المملكة في تنويع الاقتصاد”. واستشهد بأن الأنشطة النفطية في السعودية نمت بنسبة 4.8% في النصف الأول من 2025، لتساهم الآن بأكثر من 55.6% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، كما وصلت البطالة في السعودية الآن إلى أدنى مستوياتها في تاريخها.
الذكاء الاصطناعي
عن الذكاء الاصطناعي، قال الجدعان في الجلسة إنه من المرجح أن يزيد الإنتاجية ويساعد الاقتصادات على الازدهار إذا استُخدم بشكل صحيح وبُذلت جهود أكبر لاعتماد نهج شامل للذكاء الاصطناعي.
ولكن على الناحية الأخرى، حذر الجدعان أن الذكاء الاصطناعي قد يؤدي في الواقع إلى زيادة الفجوة داخل البلدان، وبين الدول وبعضها، “إذا لم نكن حذرين على المستوى العالمي”.
وأوضح وزير المالية السعودي أن هناك تحديات على صعيد سلاسل الإمداد والطاقة، قائلاً” إذا نظرنا إلى دول العالم التي تفتقر إلى الذكاء الاصطناعي، سنجد أن شبكة الكهرباء تنهار في كثير منها، بل على وشك الانهيار، أي أنها على حافة طاقتها القصوى. وإذا أضفنا الطلب الكبير على الطاقة الذي يتطلبه الذكاء الاصطناعي، سنتسائل حينها عما إذا كان من الممكن بالفعل تحقيق تقدم سريع وطموح بالقدر الذي تسعى إليه الصناعة”.