تكافح وكالات بيع السيارات في الصين للاستمرار في ظلّ حاجتها الملحة لمساعدة مالية نتيجة حرب الأسعار التي طال أمدها والارتفاع السريع في القدرات الإنتاجية للسيارات الكهربائية.

أدى تحوّل البلاد نحو المركبات الكهربائية إلى قلب نموذج الوكالة التقليدي رأساً على عقب. ففي الماضي، كانت مبيعات السيارات العاملة بالبنزين التي تنتجها الشركات المصنّعة التقليدية، ولا سيما في فئة السيارات الفاخرة، تحقق عوائد مجزية، بحسب تسوي دونغشو، الأمين العام لرابطة سيارات الركاب الصينية. لكنّ التوجّه نحو المركبات الكهربائية أدّى إلى فائض في الإنتاج ومنافسة شرسة دفعت الوكالات إلى خفض الأسعار، ما أثّر سلباً على هوامش أرباحها.

اقرأ أيضاً: جولينا ليو: قطاع السيارات الصيني واسع بدرجة لا تخدم مصلحته

وكتب تسوي في منشور عبر “وي تشات” يوم الثلاثاء “تتكبّد الوكالات حالياً خسائر واسعة في مبيعات السيارات الجديدة. معظمها يعمل بتدفقات نقدية سلبية والمخاطر المرتبطة بانهيار السيولة باتت شائعة. النجاة من هذه المعركة باتت في غاية الصعوبة”.

مطالبة الحكومة الصينية بالمساندة

دعا سوي الحكومة إلى التدخل لمساندة قطاع وكالات السيارات عبر تعزيز الدعم المالي والتمويلي، وتوجيه المقرضين نحو مزيد من المرونة في التعامل مع الوكلاء.

وتتعرّض وكالات السيارات الصينية لضغوط متراكمة منذ سنوات، في ظل أهداف المبيعات الطموحة لشركات صناعة السيارات التي دفعتها لتقديم خصومات كبيرة من أجل تسريع تصريف منتجاتها، بالتزامن مع تباطؤ اقتصادي أضعف الطلب على السيارات.

حتى أبرز الأسماء في القطاع لم تفلت من هذه الأزمة، فقد أثّرت حرب الأسعار على هوامش أرباح شركة “بي واي دي” وقلّصت من وتيرة نمو مبيعاتها. وهذا الأسبوع، خفّضت “بي إم دبليو” توقعاتها الاسترشادية للعام الجاري، جزئياً بسبب مبالغ خصصتها لدعم وكلائها في الصين.

استمرار نزيف أرباح وكالات السيارات 

سعت بكين هذا العام لتشديد قبضتها على قطاع السيارات الكهربائية الواسع في البلاد، من خلال كبح حرب الأسعار، وحثّ الشركات المصنعة على تسريع المدفوعات للموردين والوكلاء. لكن هذه الجهود لم تُحدث سوى تأثير محدود حتى الآن، إذ لا تزال الخصومات قائمة، وفترات السداد طويلة.

اقرأ أيضاً: تباطؤ مبيعات السيارات في الصين وسط حملة حكومية لوقف حرب الأسعار

وأظهرت البيانات التي جمعها سوي أن معظم أكبر 14 مجموعة وكلاء سيارات في الصين شهدت تراجعاً في الإيرادات والأرباح خلال السنوات الست الماضية، بينما لا تزال مستويات المخزون مرتفعة. وسجّل متوسط الهوامش الصافية انخفاضاً إلى المنطقة السالبة للمرة الأولى منذ عام 2019 على الأقل.

ورغم أن بعض الوكلاء أضافوا علامات سيارات كهربائية رائجة مثل “لي أوتو” (Li Auto) و”شاومي” إلى محفظتهم، إلا أن سوي يرى أن هذه الخطوة ستستغرق وقتاً طويلاً قبل أن تؤتي ثمارها.

حتى السيارات الأكثر شعبية لا تضمن نجاة الوكالات

شبه سوي الوضع الراهن بأنه “كمن لم تلتئم جروحه القديمة وأصيب بأمراض جديدة”، مشيراً إلى أن التدفقات النقدية باتت تحت ضغط خانق جداً.

اقرأ أيضاً: مبيعات “BYD” تتراجع لأول مرة منذ 18 شهراً مع احتدام المنافسة في الصين

وفي وقت سابق من هذا العام، انهارت مجموعتا وكلاء في مقاطعتين صينيتين، كلاهما يبيع سيارات “بي واي دي”، ما ترك مئات العملاء في حالة من التخبط، بين من انتهت صلاحية تأمين سياراتهم، ومن لم يتمكنوا من استلام مركباتهم، في مشهد يعكس أنه حتى بيع السيارات ذات العلامة التجارية الأكثر شعبية في الصين لا يضمن النجاة من الضغوط المالية المتصاعدة.

شاركها.