ضمن سياسة الاحتلال الإسرائيلي التي تستهدف استكمال ضم الضفة الغربية والسيطرة على أكبر مساحة من أراضيها، تغذي الحكومة الإسرائيلية ما بات يعرف بسياسة الاستيطان الرعوي.
وتقوم حكومة الاحتلال بدعم وتسليح مليشيات مستوطنين للاعتداء على الفلسطينيين في تجمعات وقرى بدوية ودفعهم إلى الهجرة بعد تدمير منازلهم وحرقها، والاستيلاء على آلاف الدونمات من مراعي مواشيهم وينابيع الماء، وإقامة مستوطنات على أرضهم بذريعة توفير مساحات لرعي مواشي المستوطنين.
وفي تقرير لقناة الجزيرة، رصد محمد خيري الوضع بمنطقة المعرجات شرقي الضفة الغربية، التي كان يعيش بها عائلات بدوية فلسطينية في تجمعات آمنة، حتى غزاها المستوطنون وأثاروا الرعب والهلع، ولم يبق لأصحاب الأرض سوى تجمعات قليلة تعاني جراء سياسة الاستيطان الرعوي التي يتبعها الاحتلال.
ووصف جمال سليمان (من بدو المنطقة) الوضع بقوله “المستوطن يختم الأغنام ويدّعي ملكيتها، بينما نعيش في رعب مستمر.. المستوطنون يعدّون أنفسهم القانون والجيش، ولا يوجد من يقف أمامهم”.
وتظهر مشاهد خاصة رصدتها الجزيرة الخراب والدمار في قرية المعرجات الوسطى، حيث هجّرت 150 عائلة فلسطينية وسط تدمير شامل لمنازلهم وممتلكاتهم.
ورصد فريق الجزيرة الوضع في القرية بالتنسيق مع حركات يسارية إسرائيلية وأجنبية، لكن السكان المحليين رفضوا المشاركة في الجولة خشية الاعتداءات.
إرهاب مدعوم من الدولة
وقال غاي هيرشفيلد من منظمة “ننظر إلى الاحتلال في عينيه الإسرائيلية” إن ما يحدث هنا “هو إرهاب يهودي مدعوم من الشرطة والجيش والمحاكم. المؤسسة الإسرائيلية كلها تعمل لخدمة هؤلاء المستوطنين”.
ويعيش سكان القرى البدوية بشرق الضفة الغربية في حالة من القلق والترقب المستمرين، حيث يشن المستوطنون غارات متكررة على هذه القرى، ويقيمون بؤرًا استيطانية جديدة تهدف إلى تضييق الخناق على سكانها.
وتحدث أحد المستوطنين الذين يرعون الإبل وسط القرى البدوية باللغة العربية رغم أنه ليس عربيا، وهو الأسلوب المتبع حيث يتسلل المستوطنون في شكل رعاة أغنام، ويتوسعون في المراعي على حساب الفلسطينيين، ويستولون على كل عين ماء وكل مساحة خضراء بالقوة وتحت تهديد السلاح.
وتشير شهادات الفلسطينيين إلى تعرضهم لاعتداءات على يد مستوطنين مسلحين، بينما يتدرب آخرون على القنص وإطلاق النار في ميدان مخصص لهذا الغرض بالقرب من قرى فلسطينية.
ويصف حسن مليحات، من منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو، سياسة الاستيطان الرعوي بأنها “سياسة بشعة تتبعها حكومة الاحتلال بهدف إعادة هندسة الواقع في الضفة الغربية من خلال تهجير التجمعات البدوية والسيطرة على أراضيها، بما يتعارض مع أحكام القانون الدولي”.
ومنذ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ازدادت الاعتداءات على القرى والتجمعات البدوية بالضفة الغربية حيث سيطر المستوطنون بدعم الحكومة الإسرائيلية على مساحات واسعة من أراضي الفلسطينيين، تزيد على 220 ألف دونم، وهجروا سكانها.
وحسب منظمة البيدر، هُجّر سكان 28 قرية وتجمعا بدويا منذ الحرب على غزة. ويعيش الفلسطينيون في هذه التجمعات محاصرين بالمستوطنات، ولا خيار أمامهم سوى الصمود في وجه قرارات الاحتلال بمصادرة أراضيهم وهدم مساكنهم.