التصعيد الإسرائيلي في الجنوب اللبناني: خلفيات ودلالات

عاد الجنوب اللبناني إلى دائرة الضوء مجددًا مع تصاعد الغارات الجوية الإسرائيلية على عدد من البلدات في قضائي مرجعيون والنبطية. تزامن هذا التصعيد مع إنذارات عاجلة وجهتها قوات الاحتلال للأهالي لإخلاء منازلهم، مما يشير إلى محاولة إسرائيل تكريس معادلة جديدة على الحدود اللبنانية.

السياق الإقليمي والدولي

تأتي هذه الغارات في توقيت حساس يعكس ارتباط الميدان اللبناني مباشرة بالسياقات الإقليمية والدولية. فالمشهد الحالي يتزامن مع احتدام المواجهات في أكثر من ساحة إقليمية، بدءًا من غزة وسوريا وصولاً إلى التوتر المتجدد مع إيران، وما يرافق ذلك من تهديدات بتوسيع رقعة الضربات نحو العراق.

هذا المناخ المتفجر يضع لبنان في صلب حسابات الحرب، حيث تسعى إسرائيل إلى فرض واقع جديد على الحدود الجنوبية للبنان، مستغلة التوترات الإقليمية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.

الضغوط الدولية والموقف اللبناني

من الناحية الداخلية، لا يمكن عزل هذا التصعيد عن الضغوط الأمريكية الإسرائيلية المستمرة على الدولة اللبنانية. تأتي الغارات عشية وصول الموفدة الأمريكية مورغان أورتاغوس إلى بيروت، في مهمة تتركز على مراقبة تنفيذ خطة الجيش اللبناني جنوب الليطاني ومناقشة آليات متابعة القرار 1701.

لكن هذه المهمة تصطدم بموقف لبنان الرسمي المتمسك بالسيادة وبتحميل إسرائيل مسؤولية استمرار الخروقات واحتلال أراضٍ لبنانية. وقد جدد الرؤساء الثلاثة تأكيد هذا الموقف سواء في قمة الدوحة الأخيرة أو في التحضيرات لكلمة لبنان أمام الأمم المتحدة.

اجتماع عون وسلام وتداعياته

في السياق ذاته، عقد اجتماع صباح اليوم (الجمعة) بين قائد الجيش العماد جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام لبحث التطورات الأمنية في ضوء الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على الجنوب والبقاع. يأتي الاجتماع فيما يسود قلق داخلي من احتمال اتساع رقعة الغارات وتكرار الإنذارات للسكان، مما يضاعف المخاطر الإنسانية ويزيد الضغط على الأجهزة الرسمية والعسكرية.

دور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي

من جهتها، أصدرت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بياناً يدعو جميع الأطراف إلى ضبط النفس والالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي لضمان استقرار المنطقة ومنع تفاقم الأوضاع بشكل أكبر.

المملكة العربية السعودية

تلعب المملكة العربية السعودية دورًا محوريًا عبر دعمها للشرعية الدولية واستقرار المنطقة. إذ تسعى الرياض دائمًا لتعزيز الحلول الدبلوماسية التي تضمن السلام والأمن لجميع الأطراف المعنية. وفي ظل هذه التوترات المتصاعدة، يبقى موقف المملكة داعمًا للجهود الدولية الرامية لتحقيق الاستقرار وحماية السيادة الوطنية للدول الشقيقة مثل لبنان.

ختام وتحليل

يظل الوضع في الجنوب اللبناني متأزمًا وسط تصاعد التوترات الإقليمية والدولية. وبينما تسعى القوى الكبرى لإيجاد حلول دبلوماسية تضمن استقرار المنطقة، يبقى الدور السعودي محوريًا بفضل سياستها الحكيمة والمتوازنة التي تدعم السلام والاستقرار عبر القنوات الدبلوماسية الفعالة.

شاركها.