ارتفعت الأصول المقومة بالليرة التركية بعدما أجلت محكمة تركية النظر في قضية تتعلق بمدى شرعية قيادة المعارضة الرئيسية.
القضية التي تدور حول مزاعم مخالفات في مؤتمر حزب الشعب الجمهوري لعام 2023 تسببت في حالة من عدم اليقين لدى المتابعين السياسيين والمستثمرين على حد سواء. وكان من الممكن أن تؤدي إلى إطاحة رئيس الحزب أوزغور أوزيل وتوجيه ضربة قوية للنظام الديمقراطي في تركيا، لكن المحكمة قررت تأجيلها إلى 24 أكتوبر.
رد فعل الأسواق التركية
بعد صدور القرار، اعتبرت الأسواق الاستراحة المؤقتة من التوترات السياسية المتصاعدة تطوراً إيجابياً، حتى وإن كان قصير الأمد. ولا يزال من الممكن أن تقرر المحكمة إبطال حزب المؤتمر في جلستها المقبلة وإعادة الزعيم السابق كمال كيليتشدار أوغلو أو تعيين وصي لإدارة الحزب.
وقال أونور إلجن، رئيس الخزانة في بنك “إم يو أف جي” (MUFG) بإسطنبول: “قد يكون الأمر مؤقتاً، لكنه على الأقل سيوفر بضعة أسابيع من الارتياح”.
ارتفع مؤشر بورصة إسطنبول الرئيسي (بيست 100) بحوالي 4.7% عقب الإعلان عن التأجيل، كما تعززت الليرة أمام الدولار الأميركي، وسجلت السندات المقومة بالليرة مكاسب.
ما هي قضية المعارضة التركية؟
تتمحور قضية المعارضة التركية ضد حزب الشعب الجمهوري حول اتهامات بتلقي بعض أعضاء الحزب مبالغ نقدية كرشاوى في مؤتمر 2023 الذي أفرز انتخاب أوزيل وإدارته. أوزيل نفى هذه الادعاءات، مؤكداً أنها ذات دوافع سياسية تهدف إلى إضعاف الحزب وفتح المجال أمام الرئيس رجب طيب أردوغان لتمديد حكمه المستمر منذ أكثر من 20 عاماً.
ورغم أن الانتخابات مقررة حالياً في 2028، يتوقع محللون سياسيون على نطاق واسع أن تتم الدعوة لانتخابات مبكرة.
جلسة الإثنين كانت جزءاً من حملة غير مسبوقة تستهدف المعارضة التركية منذ الانتخابات المحلية العام الماضي، حين تكبد حزب العدالة والتنمية الحاكم سلسلة هزائم موجعة. وتمكن حزب الشعب الجمهوري –بوصفه جهة المعارضة الرئيسية– من انتزاع بعض معاقل الحزب الحاكم والحفاظ على السيطرة على كبريات المدن مثل إسطنبول وأنقرة.
ومنذ ذلك الحين، يتعرض الحزب لحصار قضائي، حيث أُقيل عدد من رؤساء البلديات ومسؤولين آخرين بتهم فساد. وقال وزير العدل التركي إن المحاكم مستقلة، وإن رؤساء بلديات من حزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية خضعوا أيضاً لتحقيقات سابقة. لكن الحزب المعارض ومنتقدين آخرين يؤكدون أن هذه الخطوات جزء من نظام سلطوي متنامٍ يسعى لإسكات أي شكل من أشكال المعارضة.
من هو أوزغور أوزيل قائد المعارضة التركية؟
أوزيل، البالغ من العمر 50 عاماً، يُنسب له الفضل في تعبئة القاعدة الشعبية للحزب وتحقيق نجاح بارز في الانتخابات المحلية، بينما يرى كثيرون أن استبداله بكمال كيليتشدار أوغلو –الذي ترأس الحزب 13 عاماً دون تحقيق انتصارات تُذكر أمام أردوغان– قد يؤدي إلى انقسام داخلي.
اقرأ أيضاً: توتر بين مستثمري تركيا قبيل الحكم على قيادة المعارضة
هل يترشح أردوغان مجدداً لرئاسة تركيا؟
بموجب الدستور الحالي، يُحظر على أردوغان الترشح مجدداً للرئاسة، لكنه سيظل قادراً على ذلك إذا دعا البرلمان لانتخابات مبكرة أو تم تعديل الدستور. ورغم أن أردوغان لم يبدِ اهتماماً علنياً بالترشح مرة أخرى، فإن حليفه النافذ دولت بهتشلي، زعيم حزب الحركة القومية، أعلن دعمه العلني لمثل هذه الخطوة.
غيوم تريسكا، استراتيجي الأسواق الناشئة لدى “جنرالي أسيت مانجمنت” (Generali Asset Management) يرى أن “قرار المحكمة إيجابي لمعنويات السوق على الأقل في الأجل القصير. التأجيل لم يكن السيناريو المتوقع ما منح بعض الارتياح. لكن جوهرياً لم يتغير شيء إذ لا بد من اتخاذ قرار نهائي”.
انخفضت عقود عقود مبادلة مخاطر التعثر الائتماني في تركيا –التي تعد مؤشراً على مخاطر تخلف الدولة عن سداد ديونها– بمقدار 7 نقاط أساس لتسجل أدنى مستوياتها منذ 18 مارس، أي قبل يوم واحد من اعتقال أبرز سياسيي الحزب المعارض، رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو.
وأضاف تريسكا: “السؤال، وهو صعب الإجابة عليه، هل يشكل هذا التأجيل إشارة إيجابية لقرار نهائي لصالح حزب الشعب الجمهوري لاحقاً أم لا؟”.