ارتفعت الأسهم الآسيوية للجلسة الرابعة على التوالي يوم الثلاثاء، مع استمرار التفاؤل في وول ستريت قبيل خفض متوقع لأسعار الفائدة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ما انعكس إيجاباً على تداولات المنطقة.

وصل مؤشر “MSCI” لأسهم منطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى أعلى مستوى له منذ فبراير 2021، وكانت شركات التكنولوجيا مثل “تايوان لأشباه الموصلات” و”علي بابا” من بين أكبر المساهمين في هذا الصعود. وارتفعت الأسهم في اليابان وكوريا الجنوبية وهونغ كونغ، في حين تراجعت في أستراليا.

وجاء هذا الزخم بعد ارتفاع التوقعات بخفض أسعار الفائدة من جانب المركزي الأميركي، ما دفع الأسواق إلى الاقتراب من مستويات قياسية وسط آمال بأن السياسة النقدية التيسيرية ستعزز أرباح الشركات الأميركية.

في اليابان، انعكست تداعيات الاضطرابات السياسية الأخيرة على الأسواق، إذ صعد مؤشر “نيكاي 225” ليبلغ مستوى قياسياً جديداً خلال الجلسة الصباحية. كما تعززت السندات الحكومية بعد أن كانت قد تراجعت يوم الاثنين، في ظل تصاعد التوقعات بسياسة مالية أكثر توسعية، عقب إعلان رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا عزمه الاستقالة.

من جانبها، تعافت الأسهم الأميركية يوم الاثنين بعد تراجعها في الجلسة السابقة نتيجة تقرير وظائف ضعيف. وعلى الرغم من أن البيانات المقبلة يُتوقع أن تظهر تباطؤاً في خفض التضخم، يتوقع المتداولون أن يجري الاحتياطي الفيدرالي نحو ثلاث تخفيضات لأسعار الفائدة هذا العام، تبدأ من اجتماعه هذا الشهر. في الأثناء، استقرت عوائد سندات الخزانة، وظل العائد على السندات لأجل عامين عند أدنى مستوياته منذ عام 2022، بينما تراجع الدولار وواصل الذهب صعوده ليبلغ مستوى قياسياً جديداً.

اقرأ المزيد: سعر الذهب يواصل تسجيل مستويات قياسية جديدة بدعم من رهانات خفض الفائدة

تحفيز أميركا يتغلب على شح المحفزات الآسيوية

قال فريدريك نيومان، كبير الاقتصاديين لمنطقة آسيا في بنك “HSBC”: “على مدار الأيام القليلة المقبلة، من المرجح أن تستمد الأسواق الآسيوية إشاراتها من الولايات المتحدة، نظراً لقلة المحفزات الإقليمية في الأفق”.

وأضاف أن بيانات التضخم الأميركية ستساعد في توضيح مسار أسعار الفائدة ليس فقط للاحتياطي الفيدرالي، بل أيضاً للبنوك المركزية الآسيوية، بما في ذلك بنك الشعب الصيني.

تراجعت وتيرة نمو صادرات الصين إلى أضعف مستوياتها خلال ستة أشهر، مع تعمق الانخفاض في الشحنات إلى الولايات المتحدة، رغم أن الارتفاع الكبير في المبيعات إلى أسواق أخرى ساعد بكين على البقاء في مسار تسجيل فائض تجاري قياسي.

في سياق منفصل، أقدم الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو بشكل مفاجئ على إقالة وزيرة المالية سري مولياني إندراواتي، مما يهدد بإثارة اضطرابات مالية جديدة في أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا، بعد أسابيع من الاحتجاجات العنيفة ضد حكومته.

هبطت الروبية الإندونيسية أمام الدولار، وقال بنك إندونيسيا إنه سيتدخل للحفاظ على استقرار العملة. وأغلقت الأسهم المحلية على انخفاض بنسبة 1.3% يوم الاثنين قبل الإعلان، بعد أن أثرت الشائعات بشأن إقالة الوزيرة على ثقة المستثمرين، ثم تعافت جزئياً يوم الثلاثاء.

وقبل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل، تشير التوقعات إلى أن مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي الذي سيصدر يوم الخميس، سيُظهر ارتفاعاً بنسبة 0.3% في أغسطس للشهر الثاني على التوالي. وقبل ذلك، من المتوقع أن تكشف بيانات مكتب إحصاءات العمل الأميركي يوم الثلاثاء عن خفض آخر في أرقام الوظائف، ما يمهّد الطريق أمام خفض أسعار الفائدة.

وقد أشار مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي إلى أن مخاوفهم بدأت تتحول من مخاطر التضخم الناجمة عن الرسوم الجمركية إلى ضعف سوق العمل. وتشير ثبات توقعات التضخم إلى أن الرسوم قد تشكل صدمة سعرية لمرة واحدة، حتى لو استغرقت أشهر عدة لتنتقل إلى الاقتصاد.

وجاء في تقرير مكتب الاستراتيجية السوقية العالمية في “إنفيسكو”: “رغم أن تقرير 5 سبتمبر أظهر تباطؤاً في نمو الوظائف، فإنه لا يُشير إلى دخول في ركود. النمو الأبطأ، وتوقعات التضخم المستقرة، وتراجع العوائد، والتوقعات بخفض أسعار الفائدة، كلها مؤشرات على نظرة متفائلة تجاه الأسهم”.

جدول حول مدى وعدد تخفيضات الفائدة

ترى ميغان هورنمان من شركة “فيردينس كابيتال” (Verdence Capital Advisors) أن بيانات التضخم المرتقبة لن تكون كافية لتغيير احتمالات خفض الفائدة من قبل الفيدرالي في سبتمبر. والسؤال الأكبر للمستثمرين حالياً هو كم عدد التخفيضات التي يمكن أن نشهدها بعد ذلك.

وقالت هورنمان: “بعد بيانات التضخم هذا الأسبوع، سنحصل على صورة أوضح حول ما يمكن للفيدرالي فعله بأسعار الفائدة. ومع ذلك، لم نتجاوز بعد مرحلة الخطر بشأن التضخم، وقد يُقدم الفيدرالي على ما يسمى بـ’خفض متشدد’، مذكراً المستثمرين بتفويضه المزدوج، خاصة إذا استمر التضخم في الابتعاد عن مستهدفه”.

في فرنسا، خسر رئيس الوزراء فرانسوا بايرو تصويت الثقة في البرلمان، مما أجبر البلاد على تشكيل حكومة ثالثة في غضون عام واحد فقط. وافتتحت عقود السندات الفرنسية لأجل 10 سنوات على استقرار.

وفي أسواق السلع الأساسية، ارتفع سعر النفط لليوم الثاني على التوالي، بينما يزن المستثمرون توقعات ضعف الطلب، بعد أن خفضت السعودية أسعار معظم درجات نفطها.

شاركها.