ورد سؤال إلى د. عطية لاشين، أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون، يقول صاحبه: “اعتاد المصلون بعد الفراغ من صلاتهم والخروج منها بالتسليم، أن يسلم بعضهم على بعض ويتصافحون مع قولهم لبعض (حَرَمًا)، فهل هذا في شرع الله- عز وجل-؟”.

وأجاب لاشين قائلا: الحمد لله رب العالمين، قال تعالى في كتابه الكريم: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي ورد عنه في كتب السنة قوله: “ما من مؤمنين يلتقيان فيتصافحان إلا تحاتت عنهما ذنوبهما كما يتحات الورق عن الشجر”.

وأضاف أن الأحاديث الصحيحة دلت على مشروعية المصافحة بين المسلمين عند اللقاء، حيث روى البخاري والترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن المصافحة كانت موجودة بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما وردت روايات أخرى عن حذيفة بن اليمان وسلمان الفارسي تؤكد فضل المصافحة وما يترتب عليها من مغفرة للذنوب.

وأوضح لاشين أن المصافحة في ذاتها سنة مشروعة وعمل عظيم، لكن تقييدها بوقت محدد مثل ما يحدث بعد الفراغ من الصلاة لم يرد فيه نص صريح، ولهذا اختلفت آراء العلماء؛ فمنهم من كرهها كالشيخ ابن تيمية، ومنهم من أجازها كالعز بن عبد السلام، بينما رأى الإمام النووي أن أصل المصافحة سنة وأن المواظبة عليها بعد الصلاة لا تخرجها عن كونها مندوبة، في حين ذهب فريق آخر إلى تحريمها.

وأشار إلى أن الخلاف الفقهي في هذه المسألة لا يستوجب التشدد ولا التعصب لرأي دون آخر، مؤكداً أن ترك الناس على ما اعتادوه أولى، خاصة إذا كان ذلك لا يؤدي إلى منكر أو مفسدة، وأن قول المصلين لبعضهم “حرماً” يمكن تأويله على أنه دعاء مختصر يتضمن رجاء الاجتماع في الحرم الشريف كما اجتمعوا في المسجد.

وختم د. عطية لاشين فتواه بالتأكيد أن الحفاظ على صفاء النفوس وسلامة القلوب، أولى من إثارة الجدل والإنكار في مسألة وسَّعها الشرع وأجازها بعض العلماء.

شاركها.