تدرس إدارة ترمب خطوة بلا سابقة هي الاستحواذ على حصة في شركات صناعات دفاعية، تحديداً شركة ”لوكهيد مارتن“، بغرض تعزيز إنتاج الذخائر. سيكون التدخل الحكومي المباشر في شركة دفاع مدرجة في البورصة، إن حصل، هو الأول من نوعه. وسيتبع هذه الخطوة المحتملة النمط الحديث لسياسة صناعية في واشنطن تتسم بزيادة التدخل المباشر المتزايد، ما يوسع وجود الإدارة في قطاع الدفاع الأميركي ويثير احتمالية التأميم التدريجي لقطاع الدفاع.

إذا تحققت الصفقة المحتملة، يُرجح أنها ستشابه الاستحواذ الحكومي حديثاً على حصص في شركة صناعة الرقائق ”إنتل“ وشركة ”إم بي ماتيريالز“ (MP Materials)، وهي شركة أميركية لإنتاج المعادن النادرة، وكلها شركات تعمل في قطاعات حيوية للأمن القومي الأميركي.

إن صناعة الدفاع في الولايات المتحدة احتكارية من حيث المشتري؛ أي شركات الدفاع المدرجة في البورصة لديها عميل رئيسي واحد هو حكومة الولايات المتحدة، وبذلك تغذي عقود الحكومة الأميركية إيرادات المقاولين الدفاعيين الرئيسيين.

ترسانة مستنزفة

كافحت القاعدة الصناعية الدفاعية الأميركية لزيادة إنتاج الصواريخ والذخائر اللازمة لعمليات القوات المسلحة الأميركية وحليفاتها. في الوقت نفسه، واجهت الولايات المتحدة صعوبةً في تطوير وتوسيع نطاق إنتاج صواريخ الجيل التالي، مثل الصاروخ التكتيكي المتقدم المشترك (JATM)، الذي من الناحية النظرية سيكون ضرورياً لمواجهة خصم متقدم مثل الصين.

وقد نفدت الصواريخ من الولايات المتحدة بشكل شديد الخطورة في العمليات الأخيرة في البحر الأحمر؛ وهي صواريخ متطورة أشار البنتاغون إلى إمكانية استخدامها في صراع محتمل مع الصين، في حال نشوب صراع بين بكين وواشنطن في المحيط الهادئ.

بعد صفقة “إنتل”.. شركات الدفاع الأميركية على رادار إدارة ترمب

تُعتبر الذخائر تقليدياً وسيلة تستخدمها وزارة الدفاع عندما تسعى للحد من الإنفاق في دورات ميزانيتها السنوية. إذ تعطل عقود إنتاج الذخائر لتمويل أصول أبرز أهميةً، مثل الطائرات المقاتلة والقاذفات والدبابات. وهذا يعني تفاوتات في طلبات الحكومة الأميركية للذخائر، وهذا يقوض خطوط إنتاج شركات الدفاع. 

سمح الكونغرس بعقود شراء ذخائر لعدة سنوات (بما في ذلك صواريخ لوكهيد جو-أرض (JASSM) والصواريخ طويلة المدى المضادة للسفن (LRASM) وصواريخ باتريوت الاعتراضية ذات القدرة المتقدمة من المستوى الثالث (PAC-3 MSE))- للمساعدة في استقرار تواتر الطلب من قطاع التصنيع. لكن الشراهة الهائلة للولايات المتحدة وحلفائها للصواريخ تتجاوز الإنتاج الدفاعي الحالي.

محاكاة نموذج “إم بي ماتيريالز“

ما تزال تفاصيل صفقة ”لوكهيد مارتن“ المحتملة غير واضحة، ولا يُعرف ما إذا كانت ستحدث أم لا، لكن المرجح أن تكون آليات حصة الأسهم أقرب إلى اتفاقية شركة “إم بي ماتيريالز“. ويُرجح أن تستخدم الحكومة سلطات قانون الإنتاج الدفاعي والتمويل بموجب الباب الثالث لتحفيز توسيع الإنتاج الدفاعي من خلال القروض والمشتريات المباشرة والالتزامات.

لمحت الحكومة إلى هذه الخطوة في مايو 2025، فقد وقعت بهدوء قراراً رئاسياً لتسريع استخدام الباب الثالث من قانون الإنتاج الدفاعي للصواريخ والذخائر والمعادن.

لكن قد يكون التمويل قيداً، إذ خُصصت 266 مليون دولار فقط للإنفاق عبر قانون الإنتاج الدفاعي في ميزانية وزارة الدفاع للسنة المالية 2026. بناءاً على حجم الاستثمار في شركة ”لوكهيد مارتن“ والاستمرار في استخدام أموال قانون الإنتاج الدفاعي للقطاعات الأخرى، يُرجح أن تضطر الحكومة إلى السحب من مليار دولار مخصصة في قانون ”قانون واحد كبير وجميل“. وسيتعين على الكونغرس توفير الموارد لتمويل حصة الحكومة الأميركية سنوياً.

توقعات مالية متشائمة وتكاليف استثنائية تضرب سهم لوكهيد مارتن

لقد استخدمت الحكومة الأميركية فيما مضى سلطات قانون الإنتاج الدفاعي لدعم صناعة الدفاع. واستخدمت إدارة بايدن هذا قانون لزيادة الإنتاج الدفاعي لتعويض المساعدات العسكرية المقدمة لأوكرانيا. ومع ذلك، فإن استحواذ الحكومة الأميركية على أسهم عادية في شركة مقابل أموال تنفقها بموجب قانون الإنتاج الدفاعي سيكون أمراً غير مسبوقاً.

تختلف ”لوكهيد مارتن“ عن ”إنتل“ و“إم بي ماتيريالز“ في أنها ليست الخيار الوحيد المتاح. إذ إن ”إنتل“ هي الشركة الأميركية الوحيدة المُصنِّعة لأشباه الموصلات المتقدمة، بينما ”إم بي ماتيريالز“ هي المُنتِج الأميركي الوحيد لمادتين أرضيتين نادرتين أساسيتين للمغناطيسات المستخدمة في المعدات العسكرية. في حين أن ”لوكهيد مارتن“ هي أكبر مُصنِّع أسلحة عالمي، إلا أنها ليست المُنتِج الوحيد للذخائر المهمة، إذ تُنتج ”نورثروب غرومان“ و“آر تي إكس“ و“بوينغ“ صواريخ عليها طلب.

إذا مضت إدارة ترمب في هذا المسار، فقد تضطر لاقتناء حصص موازية في مقاولين رئيسيين آخرين لأسباب تتعلق بالأمن القومي. إذا لم يحدث ذلك، فقد يُرسِّخ هذا الاستثمار احتكاراً محلياً، ما سيقلل المنافسة داخل القاعدة الصناعية الدفاعية بشكل أكبر – وهي قضية قائمة منذ فترة طويلة.

لم يتضح بعد ما إذا كانت إدارة ترمب ستستحوذ على حصة في ”لوكهيد“ أو شركات دفاعية أخرى. لكن حقيقة أنها قيد الدراسة تُشير إلى استمرار تنامي السياسة الاقتصادية التدخلية لإدارة ترمب، من الرقائق والمناجم إلى خطوط التجميع.

شاركها.