الفاشر – قُتل 8 مدنيين، بينهم طفلان، في قصف مدفعي نفذته قوات الدعم السريع صباح اليوم الأحد على مخيم أبوشوك شمال مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في ظل تصاعد حدة المعارك حول المدينة المحاصرة منذ 10 يونيو/حزيران 2024.

وقال مسؤول الإعلام في غرفة طوارئ معسكر أبوشوك، محمد آدم، إن القصف أسفر عن مقتل 8 أشخاص وإصابة 7 آخرين، بينهم حالات حرجة.

وأشار في تصريحات للجزيرة نت إلى أن فرق الإسعاف تواجه صعوبات في الوصول إلى المصابين بسبب استمرار القصف وانعدام وسائل النقل، ما يهدد بارتفاع عدد الضحايا خلال الساعات المقبلة.

وحسب مصادر محلية تحدثت للجزيرة نت، فإن القصف تركز على السوق المركزي داخل المخيم ما يعرف بسوق نيفاشا، إضافة إلى عدد من المنازل المشيدة بمواد محلية مثل الطين والقش، ما أدى إلى تدميرها بالكامل.

كما طالت القذائف بعض الشوارع الحيوية، مما تسبب في حالة من الهلع بين السكان، لا سيما النساء والأطفال الذين فرّوا إلى مناطق أكثر عزلة داخل المخيم.

ويأتي هذا الهجوم في وقت تتزايد فيه التحذيرات المحلية والدولية من انهيار كامل للوضع الإنساني في المنطقة، وسط غياب أي مؤشرات لحل سياسي قريب، وتراجع واضح في الاستجابة الدولية للأزمة المتفاقمة.

ويُعد مخيم أبوشوك من أكبر تجمعات النازحين في شمال دارفور، ويقع على بعد نحو 4 كيلومترات شمال مدينة الفاشر، وقد أُنشئ في 20 أبريل/نيسان 2004، كمأوى مؤقت للنازحين الفارين من الحرب التي اندلعت في دارفور عام 2003.

ومع مرور الوقت، تحول المخيم إلى حي سكني مكتظ، يضم أكثر من 47 ألف نازح من مناطق جبل مرة وطويلة وشنقل طوباي، ما جعله جزءا من النسيج العمراني للمدينة.

تصعيد سياسي

وجاء الهجوم بعد ساعات من أداء رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي في حكومة تأسيس الموازية اليمين الدستورية، ما أثار رفضا محليا وإقليميا واسعا، حيث يرى مراقبون أن التصعيد العسكري في الفاشر قد يكون محاولة لفرض أمر واقع سياسي بالقوة، في ظل غياب أي توافق لإيجاد حل للأزمة مع استمرار جمود عمليات التفاوض.

وقالت جامعة ييل الأميركية إن صور الأقمار الصناعية أظهرت أن قوات الدعم السريع أكملت بناء أكثر من 31 كيلومترا من الجدران الترابية حول مدينة الفاشر، مما أدى إلى السيطرة الكاملة على تدفق السكان إلى داخل المدينة وخارجها.

وأضافت في تغريدة على منصة “إكس” أن هذه الجدران أنشأت منطقة خطرة تهدد صحة السكان، حيث تتفاقم الأضرار التي لحقت بهيئة توفير المياه في الفاشر، مما يزيد الأوضاع الصحية سوءا.

وتشير تقارير منظمات دولية إلى أن الفاشر تخضع لحصار خانق منذ أكثر من 500 يوم، وأن سكانها لا يجدون ما يأكلون، وباتوا يعتمدون على علف الحيوانات المعروف محليا بـ”الأمباز” كمصدر غذائي بديل. وتطالب هذه المنظمات بفتح ممرات إنسانية عاجلة، وتوفير حماية للمدنيين، خاصة في ظل تزايد الانتهاكات بحقهم.

تحول خطير

ويرى محللون أن ما يجري في الفاشر يعكس تحولا خطيرا في طبيعة الحرب السودانية، حيث باتت الفاشر منطقة منسية عن العالم، ويؤكدون أن استمرار الحصار والقصف العشوائي على مناطق المدنيين قد يؤدي إلى موجة نزوح جديدة، ويهدد بانهيار ما تبقى من البنية الاجتماعية في المدينة.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال الدكتور عبد الناصر سالم، الخبير في مجال حقوق الإنسان، وكبير الباحثين ومدير برنامج شرق أفريقيا في مركز فوكس السويد للأبحاث، إن ما يحدث في الفاشر يمثل “انهيارا أخلاقيا وإنسانيا غير مسبوق”، مشيرا إلى أن استهداف المدنيين في المخيمات المحاصرة يُعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني.

وأضاف أن بناء الجدران الترابية حول مدينة الفاشر يعكس محاولة لعزل السكان عن العالم الخارجي، وتحويل المدينة إلى “سجن مفتوح”، في ظل غياب أي رقابة دولية فعالة.

ودعا سالم المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف الانتهاكات، وتقديم الدعم الإنساني للسكان المحاصرين، مشددا على ضرورة مساءلة المسؤولين عن هذه الجرائم أمام المحاكم الدولية.

شاركها.