|

شهدت منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة موجة واسعة من التداول لمقاطع فيديو مثيرة، قيل إنها توثق “اكتشافات أثرية وتاريخية مذهلة” تحت الأرض في مصر.

هذه المقاطع التي اجتاحت الفضاء الرقمي حصدت ملايين المشاهدات، وأشعلت نقاشات واسعة بين المتابعين والمدونين في العالم العربي وخارجه، وسط تساؤلات عن حقيقة ما تعرضه الكاميرات: هل نحن أمام كشف أثري حقيقي أم مجرد محتوى متقن الصنع يجذب الأنظار؟

روايات متباينة

وتباينت الروايات حول هذه المشاهد، إذ نسبها البعض إلى منطقة أهرامات الجيزة، بينما ربطها آخرون باكتشافات غارقة في مدينة الإسكندرية شمالي مصر، في حين أشار فريق ثالث إلى أنها تعود لحضارة مفقودة في حضرموت باليمن.

أحد أكثر المقاطع انتشارا حمل عنوان “استكشاف بيت فرعوني تحت الأرض”، وظهر فيه أشخاص يرتدون زيا موحدا باللون الأخضر وهم يتفقدون توابيت وقطعا أثرية داخل أنفاق تحت الأرض، وحصد هذا الفيديو أكثر من 114 مليون مشاهدة خلال 10 أيام فقط.

@user9137271693947

لأول مرة فيديو اكتشاف مدينة غامضة تحت اهرامات الجيزة #اهرامات_مصر storytime #deepdive #explore #underground #aliens

♬ الصوت الأصلي – النمر

@kamiran600

#kamiran600

♬ Horror Ruins Exploration Horror Kaidan Occult BGMa(1033276) – TERAMURA SO

 

@user9137271693947

لأول مرة فيديو اكتشاف مدينة غامضة تحت اهرامات الجيزة #اهرامات_مصر storytime #deepdive #explore #underground #aliens

♬ الصوت الأصلي – النمر

محتوى بصري عابر للحدود

تحليل فريق “الجزيرة تحقق” أظهر أن هذه الفيديوهات تعتمد على إنتاج بصري سينمائي يوظف موسيقى غامضة ومؤثرات مشوقة، ويجري نشرها عادة مصحوبة بوسوم بارزة مثل: #استكشاف، #غوص_عميق، #مصر، #هرم، #سرد_قصصي.

كما تبين أن أغلب هذه المقاطع يعاد إنتاجها بلغات مختلفة، من بينها العربية والإنجليزية والإسبانية والبنغالية، مما يعكس الطابع العابر للحدود لهذا النوع من المحتوى، وقدرته على الانتشار السريع عالميا.

 

@alif_hossain_42

#নামাজ_বেহেশতের_চাবি #আল্লাহ্_সর্বশক্তিমান🕋🕋🕋🕋🤲🤲 #নামাজে_আছে_সুখ_🕋🕋🕌🕌 #আল্লাহ্_সর্বশক্তিমান

♬ original sound – 🎗️🌺🎗️🌺Liza Akter🌺🎗️🌺 – 🎗️🌺🎗️🌺Liza Akter🌺🎗️🌺

حقيقة المقاطع ومصدرها

بتتبع خيوط انتشار هذه المقاطع ومصادرها، تبين أن جميع الادعاءات المرتبطة بها “زائفة” سواء من حيث المواقع المزعومة أو طبيعة الاكتشاف.

وأظهر فحص باستخدام أدوات متخصصة في كشف الزيف العميق أن الفيديوهات مولدة بالكامل عبر الذكاء الاصطناعي، ونشرت للمرة الأولى بين 13 و17 أغسطس/آب الجاري.

واتضح أن حسابا على تيك توك باسم (Glint Gaze) هو المصدر الأصلي لمعظم هذه المقاطع، إذ أنتج أكثر من 90 فيديو مشابه منذ مارس/آذار 2025، جميعها باستخدام الذكاء الاصطناعي. وقد حصد هذا الحساب أكثر من 200 مليون مشاهدة عبر سلسلة من المقاطع التي تستعرض أماكن أثرية أو رمزية مرتبطة بالحضارة المصرية، متعمدًا عدم وضع عناوين دقيقة لزيادة الغموض وتعزيز الانتشار.

كما يروج الحساب إلى “دليل رقمي” يشرح كيفية إنتاج مقاطع سينمائية جذابة مخصصة للمنصات -باستخدام الذكاء الاصطناعي فقط- من دون الحاجة للظهور أمام الكاميرا، وهو ما يدعم فرضية أن كل الفيديوهات المنشورة على الحساب هي نتاج ذكاء اصطناعي بالكامل.

@glintgaze

#storytime #deepdive #explore #underground #aliens

♬ Yole Kross Ayle (The Song of the Dead) – Ian Post

 

@glintgaze

#storytime #fyp #deepdive #explore #ancient

♬ Yole Kross Ayle (The Song of the Dead) – Ian Post

 

سياق غذّى التضليل

تزامن انتشار هذه المقاطع المولدة بالذكاء الاصطناعي مع حدث أثري حقيقي في مصر، مما منحها بيئة خصبة للتداول والانتشار.

ففي 21 أغسطس/آب الجاري، أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية نجاح بعثة أثرية في انتشال 3 قطع ضخمة وفريدة من أعماق البحر المتوسط، وذلك للمرة الأولى منذ نحو 25 عاما، بعد عملية مماثلة جرت عام 2001.

وشملت القطع تمثالا ضخما من الكوارتز على هيئة أبو الهول يحمل خرطوش الملك رمسيس الثاني، وتمثالا من الغرانيت لشخص مجهول من أواخر العصر البطلمي مكسور الرقبة والركبتين، إضافة إلى تمثال من الرخام الأبيض لرجل روماني من طبقة النبلاء.

وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، محمد إسماعيل، عبر الحساب الرسمي للوزارة على فيسبوك، إن موقع أبو قير الأثري يمثل شاهدا حيا على عظمة وتاريخ مصر العريق، مشيرا إلى أن البعثة نجحت في العمل تحت سطح البحر لكشف مبان غمرتها المياه عبر القرون نتيجة تغيرات جيولوجية وزلازل.

وبحسب وزارة السياحة والآثار، فإن المنطقة لا تزال تخبئ أسرارا تكشف فصولا جديدة من حضارة “مصر الغارقة”، إذ إنها تمثل مدينة متكاملة المرافق تعود للعصر الروماني.

شاركها.