أعلن الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو، مقتل ثمانية من ضباط الشرطة وإصابة ثمانية آخرين، إثر إسقاط مروحية تابعة لقوات الأمن في مقاطعة أنتيوكيا شمال غربي البلاد، في حادث أعاد إلى الواجهة تصاعد نشاط الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون في كولومبيا.

تفاصيل الحادث

وبحسب تقارير إعلامية محلية أبرزها صحيفة “إل تيمبو”، فقد وقع الهجوم بالقرب من بلدة أمالفي، عندما كانت مروحيتان تابعتان للشرطة تنفذان عملية إنزال لقوات خاصة في منطقة جبلية، بهدف تدمير حقول لزراعة نبات الكوكا، المادة الخام لإنتاج الكوكايين.

ووفق المصدر ذاته، عادت الطائرتان إلى موقع العملية بعد ورود تقارير عن هجوم استهدف رجال الشرطة على الأرض.

 وخلال العودة، أصيبت إحدى المروحيتين بواسطة طائرة مسيرة مفخخة، ما أدى إلى سقوطها واحتراقها بالكامل، وأسفر الحادث عن مقتل ثمانية من عناصر الشرطة كانوا على متنها، إضافة إلى إصابة ثمانية آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.

أصابع الاتهام

الحاكم المحلي لمقاطعة أنتيوكيا، أندريس جوليان ريندون، أشار في تصريحات صحفية إلى أن الهجوم “يحمل بصمات مجموعات منشقة عن منظمة القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك)”، وهي جماعة يسارية متمردة وقعت اتفاق سلام مع الحكومة عام 2016، إلا أن بعض أجنحتها رفضت الالتزام بالاتفاق وعادت لممارسة أنشطة مسلحة. كما لمّح ريندون إلى احتمال تورط عصابة “جلف كارتل”، إحدى أبرز الشبكات الإجرامية المتورطة في تجارة المخدرات.

ونشر ريندون مقطع فيديو عبر منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، يظهر عمودًا كثيفًا من الدخان الأسود يتصاعد من موقع تحطم المروحية، ما يعكس شدة الانفجار الذي أعقب سقوطها.

خلفيات الصراع

تأتي هذه الحادثة في وقت تكثف فيه السلطات الكولومبية عملياتها ضد زراعة الكوكا وإنتاج الكوكايين، إذ تعد البلاد أكبر منتج عالمي لهذه المادة، وفق تقارير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة. وكانت قوات الأمن قد صادرت في وقت سابق 1.5 طن من الكوكايين تعود ملكيتها لعصابة “جلف كارتل”.

وعلى الرغم من توقيع اتفاق السلام بين الحكومة و”فارك” قبل تسع سنوات، لا تزال مناطق واسعة من كولومبيا خاضعة لنفوذ جماعات مسلحة، سواء من المتمردين السابقين أو منظمات إجرامية تعمل في تهريب المخدرات والابتزاز وفرض السيطرة على المجتمعات المحلية.

موقف الحكومة

الرئيس بيترو نعى الضحايا، مؤكداً أن الحكومة “لن تتراجع أمام العنف المنظم”، وأنها ستواصل حملتها لاستعادة الأمن وتفكيك شبكات تهريب المخدرات. وأضاف في تغريدة عبر حسابه الرسمي: “دماء رجالنا لن تذهب سدى، وكولومبيا ستنتصر على الإرهاب والجريمة”.

ويرى مراقبون أن إسقاط المروحية يمثل رسالة قوية من الجماعات المسلحة بأنها قادرة على مواجهة القوات الحكومية بوسائل أكثر تطوراً، مثل استخدام الطائرات المسيّرة، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد الأمني في البلاد.

الحادثة الدامية في أنتيوكيا تذكّر بأن الطريق نحو السلام الدائم في كولومبيا لا يزال طويلاً، وأن صراع الدولة مع بقايا “فارك” والعصابات الإجرامية الكبرى، خصوصاً تلك المرتبطة بتجارة الكوكايين، سيظل أحد أبرز التحديات أمام حكومة بيترو في المرحلة المقبلة.

شاركها.