قراءة سورة الفاتحة في كل ركعة من أركان الصلاة الأساسية، ولا تصح الصلاة إلا بها، سواء كان المصلي إمامًا أو منفردًا، وهو ما ثبت عن النبي ﷺ في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ»
[رواه البخاري ومسلم].
وقد أجمع الفقهاء على أن قراءة الفاتحة واجبة في كل ركعة، بينما قراءة سورة بعدها فهي سُنّة مستحبة، وليست واجبة، سواء في صلاة الفريضة أو النافلة، في السر أو الجهر، ويصح أن يكتفي المصلي بالفاتحة فقط ، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «من قرأ بأم الكتاب فقد أجزأت عنه، ومن زاد فهو خير».
وعلّق الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث بأن فيه دلالة واضحة على أن الفاتحة هي الركن الأساسي، وما زاد عنها فهو مستحب لا واجب، وقد اتفقت المذاهب الأربعة على أن قراءة السورة بعد الفاتحة سنة مؤكدة في الركعتين الأوليين من الصلاة، سواء كانت الصلاة جهرية أو سرية.
حكم الإسرار بقراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية
الأصل في قراءة القرآن أثناء الصلاة أن يلتزم المصلي بالجهر أو الإسرار بحسب موضع الصلاة.
الصلوات الجهرية: الفجر، والمغرب، والعشاء، ويستحب فيها أن يجهر الإمام أو المنفرد بالقراءة.
الصلوات السرية: الظهر، والعصر، ويستحب فيها الإسرار.
لكن إذا أسرالمصلي بالفاتحة في الصلاة الجهرية، فإن صلاته صحيحة، لأنه أدى الركن المطلوب، وهو قراءة الفاتحة، ولكن يكون بذلك قد ترك سنة من سنن الصلاة، وهي الجهر بالقراءة في موضع الجهر.
وقد ورد في كتاب المغني لابن قدامة رحمه الله قوله:«فإن جهر في موضع الإسرار، أو أسر في موضع الجهر، ترك السنة، وصحت صلاته».
فمن أسر في موضع الجهر، أو جهر في موضع الإسرار، فصلاته صحيحة لا تعاد، لكن الأفضل اتباع السنة، فإن فعل ذلك ناسيًا أو لعذر فلا حرج عليه، أما إن ترك السنة عمدًا دون عذر، فقد فوت على نفسه أجرها.
وعلى ذلك فإن قراءة الفاتحة وحدها تكفي لصحة الصلاة، وقراءة سورة بعدها سنة مؤكدة في الركعتين الأوليين.
الإسرار بالفاتحة في الصلاة الجهرية لا يبطل الصلاة، لكنه يُعد تركًا للسنة، ويستحب الجهر في موضع الجهر، والإسرار في موضع الإسرار.