في الوقت الذي تزداد فيه الدعوات الدولية إلى إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة، والعودة إلى طاولة المفاوضات مجددًا لإنهاء معاناة مستمرة منذ نحو 11 شهرًا، تجر إسرائيل شيئًا فشيئًا الولايات المتحدة وأطرافًا أخرى غربية إلى فخ الحرب الشاملة القادرة على إشعال منطقة الشرق الأوسط في أتون عدم الاستقرار لسنوات وعقود.

فالخطوات الإسرائيلية الأخيرة، وآخرها اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في قلب العاصمة الإيرانية طهران، ثم ما تبعها من اغتيال القيادي في حزب الله فؤاد شكر في العاصمة اللبنانية بيروت، تشير بوضوح إلى رغبة تل أبيب ليس فقط في إطالة أمد الحرب، بل جر الولايات المتحدة إلى حرب شاملة هائلة في منطقة الشرق الأوسط لا تُبقي ولا تذر.

فمن الواضح أن واشنطن غير قادرة حتى الوقت الراهن على كبح جماح الحكومة الإسرائيلية، وإجبارها على وقف عبثها، والعودة إلى طاولة المفاوضات، بل تنجر معها في الاستفزازات والحرب النفسية عبر استعراض عسكري بأخبار وصول أحدث قطعها العسكرية إلى المنطقة.

“خدعة” المفاوضات

قبل أيام دعا قادة مصر وقطر والولايات المتحدة طرفي الصراع إسرائيل وحماس إلى استئناف مفاوضات وقف إطلاق النار، إذ جاء في بيان مشترك لقادة الدول الثلاث: “لقد دعونا الجانبين إلى استئناف المحادثات الملحة يوم الخميس الموافق 15 أغسطس في (الدوحة أو القاهرة) لسد سائر الثغرات المتبقية وبدء تنفيذ الاتفاق دون أي تأجيل”.

ويتضح من ذلك سعي المجتمع الدولي إلى وضع حد للعدوان الإسرائيلي على غزة، والرغبة في عدم انزلاق المنطقة إلى كارثة محدقة باتساع رقعة الحرب.

ولكن بحسب تحليل نشرته أخيرًا مجلة “فورين بولسي” الأمريكية، فإن “وقف إطلاق النار” في حرب غزة لم يكن وشيكًا على الإطلاق، إذ إن المفاوضات التي طالت لأشهر كانت “خدعة” إذ لم يكن لدى الإسرائيليين أي نية للانسحاب من القتال في غزة.

ويشير الكاتب ستفين كوك في مقاله بالمجلة الأمريكية، إلى أن الطرف الوحيد الذي كان يريد وقف إطلاق النار في غزة، كان الولايات المتحدة، الذين “تم التلاعب” بهم. ويلفت إلى أن الضربات الإسرائيلية في الشرق الأوسط قد تعني أن إسرائيل “تقامر” بالتصعيد ما قد يدخل المنطقة في حرب واسعة.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، فإن تل أبيب تشهد حالة من الترقب لـ”انتقام إيراني”، بعد عمليات الاغتيال، والتهديدات العدائية المستمرة منذ فترة. ويحذر التقرير من أي رد إيراني، قد يعني سلسلة من الردود الإسرائيلية، وهو ما قد يؤدي إلى تسارع واحتدام الصراع الإقليمي المتفاقم.

ويرى التقرير أنه بدلاً من قطع المساعدات الأمريكية عن تل أبيب، واستخدام أوراق الضغط، فمن الأفضل إيجاد “اتفاق أمني” رسمي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بحيث يحدد تفاصيل التزامات كل منهما، في إشارة إلى خطورة المقامرة الإسرائيلية في غزة والمنطقة على واشنطن ومصالحها.

وتتزايد المخاوف من اندلاع نزاع إقليمي واسع مع توعد إيران وحلفائها بالرد على اغتيال إسماعيل هنية في طهران، حيث تشير أصابع الاتهام إلى تل أبيب في تنفيذ الاغتيال، فضلاً عن اغتيال القيادي البارز في حزب الله فؤاد شكر، في الوقت الذي تعزز فيه الولايات المتحدة من وجودها العسكري في المنطقة، وتتوعد بالرد على طهران ووكلائها في حال الاعتداء على إسرائيل.

شاركها.