دعا مختصون في طب الأسرة والمجتمع طلبة المدارس إلى استغلال الأيام المتبقية من إجازة العام الدراسي السابق في ضبط وتعديل الساعة البيولوجية، حتى تتأقلم مع المواعيد الجديدة للنوم والاستيقاط.
وقالوا لـ”اليوم” تزامنًا مع قرب بداية العام الدراسي الجديد، إن النوم الصحي يشكل أهمية في حياة الجميع صغارًا وكبارًا، وأهم اشتراطاته أن يكون مبكرًا وبعيدًا عن السهر، حتى تتم جميع العمليات الحيوية الخاصة بإفراز الهرمونات داخل الجسم بطريقة سليمة وصحية.
بداية يقول أستاذ الصحة العامة استشاري طب الأسرة والمجتمع البروفيسور توفيق أحمد خوجة: الأيام المتبقية من الإجازة تشكل أهمية كبيرة لضبط الساعة البيولوجية لدى طلبة المدارس، بعد أن استمتعوا بإجازة العام الدراسي السابق ، وبالطبع كانت الساعة البيولوجية لدى معظم الطلبة خلال تلك الفترة متأقلمة على السهر والاستيقاظ المتأخر لعدم وجود أي مسؤوليات يجبرهم على الاستيقاظ المبكر كالذهاب إلى المدرسة ، أما الآن فإن الوضع سيختلف تمامًا بالنوم والاستيقاظ المبكرين.

ضبط إيقاع الليل والنهار

وتابع: الساعة البيولوجية في الجسم آلية تتبع إيقاع الليل والنهار، وتتواصل على مدار الساعة، وهو ما يعرف أيضا باسم التواتر اليومي ، وتساعد هذه الساعة على تنظيم شعورنا باليقظة والنعاس عبر آلياتها المعقدة، التي تستجيب لإشارات ترسلها منطقة الدماغ التي تراقب بدورها الضوء المحيط بنا ، وتعتمد كل خلية وعضو ونسيج في الجسم على الساعة البيولوجية؛ لذلك، يساعد النوم في الوقت المناسب لساعات كافية على إبقائها في حالة عمل.
وأردف: ضبط الساعة البيولوجية عند طلبة المدارس خلال هذه الفترة يكون بتقديم ساعات النوم تدريجيًا، والاستيقاظ المبكر، وتلقائيًا سيجد الطالب قد تأقلم مع المواعيد الجديدة.
وقال خوجة: “النصيحة المهمة أيضًا أن تكون مواعيد النوم والاستيقاظ ثابتة حتى أيام الإجازة الأسبوعية لتفادي حدوث اي اختلال في الساعة البيولوجية للجسم، فأكثر الطلبة للأسف في أيام الإجازة يسهرون لساعات طويلة ويعوضون النوم خلال النهار وهذا مضر جدًا للصحة وقد يترتب عليه حدوث بعض الأعراض مثل تقلب المزاج والصداع لكون نومه أصبح غير صحيًا بسبب اختلاف موعد النوم الثابت عليه طوال أيام الدراسة”.

النوم المبكر

وفي السياق يقول استشاري طب الأسرة والمجتمع الدكتور محمد بكر صالح قانديه: “هناك أهمية أخرى لضبط الساعة البيولوجية على النوم المبكر عند طلبة المدارس من الآن فالنوم المبكر له علاقة وثيقة ومباشرة بهرمون النمو عند الأطفال واليافعين، فهرمون النمو هو الهرمون الببتيدي المُفرز من الغدة النخامية والمسؤول عن مهام عديدة تنعكس على صحة الأطفال ومن ذلك بلوغ الطول عند الأطفال والمراهقين”.

محمد قانديه

وأضاف: “يعمل هرمون النمو من خلال تأثيره على بناء الخلايا، بجانب ذلك تزويد الأنسجة بالطاقة اللازمة للبناء، وتحفيز بناء البروتينات وتكسير الدهون، والجهاز المناعي، وزيادة كتلة العضلات، وتزيد مستويات إفراز هرمون النمو عند النوم، وممارسة الرياضة، كما يزداد إفرازه في مرحلة البلوغ”.
وأضاف: “لا ننسى أهمية هرمون الميلاتونين الذي يفرز من الغدة الصنوبرية ليلاً، فالله عز وجل أوجد هذا الهرمون لإفرازه في الليل فقط وليس في النهار حتى نسعد بنوم هادئ وجميل، وبالتالي إذا كنا في الليل مستيقظين أو تأخرنا في النوم فإن إفراز هذا الهرمون سيكون ضعيفاً جداً لأن الله خلقه يفرز في الليل من أجل أن نسعد في النوم، فدائما الذين يسهرون يعانون نفسيًا، وأي اختلال في إفراز الميلاتونين يؤثر سلبا على الإنسان”.

قلة النوم تؤثر على الصحة

وخلص د.قانديه إلى القول: “ربطت العديد من الدراسات قلة النوم عند طلبة المدارس بعدد من المشاكل الصحية، من زيادة الوزن إلى ضعف جهاز المناعة، فالجسم يحتاج إلى النوم تماماً كما يحتاج إلى الهواء والطعام ليعمل في أفضل حالاته، ففي أثناء النوم يشفي الجسم نفسه ويعيد توازنه الكيميائي، وبدون ساعات كافية من النوم لن يعمل الدماغ والجسم بشكل طبيعي، الأمر الذي يؤدي بدوره أيضًا إلى انخفاض جودة حياة الشخص بشكل كبير”.
من جانبه يقول استشاري طب الأسرة والمجتمع الدكتور خالد عبيد باواكد: “قلة النوم يؤثر على وظيفة الجهاز المناعي في إنتاج الأجسام المضادة والسيتوكينات، التي يستخدمها الجسم في مكافحة الأجسام الغريبة مثل البكتيريا والفيروسات، وفي حال عدم الحصول على كفايته من الراحة والنوم سيستغرق الجسم وقتاً أطول للتعافي من المرض ويزداد خطر الإصابة بأمراض مزمنة، مثل داء السكري وأمراض القلب، لذا يجب الحرص على النوم المبكر وتجنب السهر.

خالد باواكد

وأكمل: النوم المبكر يساعد على تعزيز صحة وسلامة وافراز الهرمونات في الجسم بشكل سليم وصحى ، كما يؤثر إيجابا على صحة القلب والحالة النفسية بجانب مقاومته لالتهابات الجسم.
وقدم د.باواكد لطلبة المدارس بعض النصائح المهمة وهي: “تناول وجبة الفطور الصحية قبل التوجه للمدرسة ، تقنين والحد من استخدام التقنيات وخصوصًا الألعاب الإلكترونية ، النوم المبكر وعدم السهر والاستيقاظ المبكر يوميًا حتى أيام الإجازات ، تناول الأكل الصحي وتجنب الوجبات والمشروبات غير الصحية ، تجنب تناول الطعام الثقيل قبل النوم ، تجنب أو الحد من تناول مشروبات الكافيين وخصوصًا قبل النوم لتفادي الأرق والدخول في مراحل النوم الصحية ، ممارسة الرياضة بتخصيص نصف ساعة يوميًا للحفاظ على الوزن وتجنب حدوث زيادة الوزن والسمنة التي تمهد للسكري النوع الثاني.

شاركها.