ذكّرت قراءة تضخم فاقت التوقعات المستثمرين بأن “بتكوين” لا يزال أصلاً شديد التقلب، وذلك بعد ساعات فقط من وصول العملة المشفرة إلى مستوى قياسي جديد.
تراجعت “بتكوين” بأكثر من 4% في غضون دقائق، بعد أن أظهرت بيانات حكومية تسارع التضخم في أسعار الجملة الأميركية خلال يوليو بأكبر وتيرة في ثلاث سنوات، ما دفع الأسهم للتراجع وقلّص توقعات خفض الفائدة، لتنزل “بتكوين” من ذروة بلغت 124,515 دولاراً في وقت متأخر من الأربعاء في نيويورك، وهو مستوى قياسي جديد بعد الرقم القياسي السابق المسجل في يوليو.
وساهمت في تغيير المزاج تصريحات وزير الخزانة سكوت بيسنت على قناة “فوكس بيزنس” بأن الولايات المتحدة لن تشتري المزيد من “بتكوين” لاحتياطي العملات المشفرة الاستراتيجي للرئيس دونالد ترمب.
ولاحقاً أوضح بيسنت في بيان عبر منصة “إكس” أن “وزارة الخزانة ملتزمة باستكشاف مسارات محايدة للميزانية لشراء المزيد من بتكوين لتوسيع الاحتياطي، وتنفيذ وعد الرئيس بجعل الولايات المتحدة ’قوة بتكوين العظمى في العالم‘”.
كانت “بتكوين” تتداول عند نحو 118,100 دولار بحلول الساعة 4:06 مساءً في نيويورك. وقد صعدت العملة على مدار معظم العام الماضي بفضل البيئة التشريعية الداعمة في واشنطن منذ تولي ترمب السلطة.
وعززت الشركات المدرجة، بقيادة “ستراتيجي” التابعة لمايكل سايلورز، الطلب عبر اتباع استراتيجية متنامية لتخزين العملة الرقمية، وانتقلت هذه المقاربة مؤخراً إلى منافسين أصغر مثل “إيثر”، ما قاد إلى ارتفاع أوسع في الأصول الرقمية.
عمليات تصفية بمليار دولار في مراكز العملات المشفرة
مع ذلك، كان التراجع سريعاً يوم الخميس، إذ شهدت المراكز المعززة بالرافعة المالية على الأصول المشفرة عمليات تصفية بأكثر من مليار دولار في 24 ساعة، منها 770 مليون دولار في المراكز الطويلة و269 مليون دولار في المراكز القصيرة، وفق بيانات “كوين غلاس”.
وقال توماس بيرفومو، كبير الاقتصاديين العالميين في “كراكن”، إن “التراجع الأخير في أسعار العملات المشفرة بعد قراءة أقوى من المتوقع لمؤشر أسعار المنتجين الأساسي، يبدو أنه هز الثقة الأوسع في خفض الفائدة الشهر المقبل”.
وأضاف أن التضخم المرتفع “يؤكد جاذبية الأصول المشفرة ذات العرض الثابت أو المبرمج على المدى الطويل، والتي تتمتع ببنية أفضل للحفاظ على القيمة بل وتنميتها”.
وأبرز التحرك المنسق الأخير بين الأسهم و”بتكوين” كيف أن الزوايا المضاربية في الأسواق والمؤشرات الرئيسية تستمد زخماً من مصدر تفاؤل واحد. ففي وقت سابق من الأسبوع، جاءت بيانات التضخم الأميركية متماشية مع التوقعات، ما عزز الرهانات على خفض الفائدة في سبتمبر، وهو ما خفف الظروف المالية وشجع تدفق رأس المال من الأسهم القيادية إلى العملات المشفرة عالية التقلب، قبل أن تتقلّص هذه الرهانات يوم الخميس.
جدل حول طرق زيادة احتياطي “بتكوين” الحكومي
رغم أن الأمر التنفيذي لترمب في يناير نص على أن الحكومة ستزيد حيازتها من “بتكوين” عبر استراتيجيات “محايدة للميزانية”، فقد افترض كثير من أنصار العملات المشفرة أن ذلك سيشمل شراء المزيد من العملات، وليس فقط الحصول عليها عبر مصادرات في القضايا الجنائية. بل ذهب البعض إلى التكهن بأن الولايات المتحدة ستعيد تقييم احتياطيها من الذهب لاستخدامه في شراء مزيد من العملات، وهو ما نفاه بيسنت.
وقال بيسنت في مقابلة “مورنينغز ويذ ماريا” على قناة “فوكس”: “لن نشتري ذلك، لكننا سنستخدم الأصول المصادرة ونواصل زيادتها، وسنتوقف عن بيعها”، مضيفاً: “أعتقد أن احتياطي بتكوين، وفق الأسعار الحالية، يتراوح بين 15 و20 مليار دولار”.
صعود “إيثر” إلى قرب أعلى مستوى في 4 سنوات
بلغت القيمة السوقية لـ”بتكوين” نحو 2.5 تريليون دولار و”إيثر” نحو 575 مليار دولار عند ذروة الأسعار، وفق بيانات “كوين غيكو”. وكانت “إيثر” تتداول الخميس قرب أعلى مستوى لها منذ نحو 4 سنوات، عند حوالي 4,600 دولار.
وجاء صعود “إيثر” مدفوعاً بطلب مستمر من شركات خزانة حديثة النشاط، بينما استند صعود “بتكوين” الأكثر تدرجاً إلى تدفقات ثابتة في الصناديق المتداولة بالبورصة، رغم مواجهتها مقاومة فنية. ومع ذلك، فإن “إيثر” كانت صاحبة النصيب الأكبر من التصفيات في المراكز المعززة بالرافعة المالية أثناء التراجع الحاد.
وقال كريس نيوهاوس، مدير الأبحاث في “إيرغونيا”: “ارتبطت العملات المشفرة إيجابياً بالأسهم، مع كون العلاقة أقوى بالنسبة لـ’إيثر‘ مقارنة بـ’بتكوين‘”، مضيفاً أن “المعنويات العامة تبدو إيجابية”.