تبحث شركات التكرير في الهند، أكبر مستورد في العالم للخام الروسي المنقول بحراً، عن إمدادات بديلة من مختلف أنحاء العالم، تحسّباً لقمة مرتقبة بين الولايات المتحدة وروسيا.
الرئيس دونالد ترمب، الساعي لتعزيز موقفه في محادثاته مع فلاديمير بوتين، طالب الهند بوقف شراء الخام مخفض السعر، ورفع الرسوم الجمركية على بضائعها إلى الضعف كعقوبة على الواردات التي قال إنها تغذي “آلة الحرب”. هذه الخطوة دفعت شركات التكرير في ثالث أكبر مستهلك للنفط عالمياً إلى إعادة ترتيب خطط التوريد.
قد يهمك: ترمب يعلن زيادة الرسوم على الهند بسبب النفط الروسي.. ونيودلهي: استهداف غير مبرر
مصافي التكرير الحكومية في الهند اشترت هذا الأسبوع كميات كبيرة من الخام غير الروسي للتسليم العاجل في سبتمبر وأكتوبر، استمراراً لموجة مشتريات بدأت مع تهديد واشنطن المبكر. شركتا “إنديان أويل” و”بهارات بتروليوم” حصلتا على شحنات من أسواق متعددة، شملت الولايات المتحدة والبرازيل والشرق الأوسط.
استيراد النفط من السعودية
هذه المشتريات الفورية تأتي إضافة إلى الإمدادات طويلة الأجل من بائعين مثل السعودية، التي من المقرر أن ترسل نحو 22.5 مليون برميل من الخام للهند للتحميل في سبتمبر، وفقاً لمتداولين. بيانات شركة التحليلات “كبلر” تشير إلى أن واردات الهند الشهرية من السعودية لم تتجاوز هذا المستوى منذ سبتمبر 2024.
اقرأ أيضاً: بعد رسوم ترمب.. هل تلجأ الهند إلى استيراد النفط من الشرق الأوسط بدلاً من روسيا؟
اللقاء بين ترمب وبوتين في ألاسكا يوم الجمعة سيكون محل متابعة دقيقة من القطاع، بحثاً عن مؤشرات على ما إذا كانت الولايات المتحدة ستخفف الضغط على مبيعات النفط الروسي أو ستزيده. الهند، التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع روسيا، سترسل وزير خارجيتها سوبرامانيام جايشانكار إلى موسكو الأسبوع المقبل مع وفد من المرجح أن يضم أمين وزارة البترول بانكاج جاين، أرفع مسؤول بيروقراطي في الوزارة.
طالع أيضاً: قمة ترمب وبوتين في ألاسكا.. ساعة الحسم تقترب وهذه أبرز السيناريوهات
وزارة الخارجية الروسية ذكرت في منشور على منصة “إكس” أن جايشانكار سيلتقي نظيره سيرغي لافروف في 21 أغسطس. تاريخياً، لم تكن الهند مستورداً رئيسياً للخام الروسي، إذ اعتمدت بدرجة أكبر على الشرق الأوسط، لكن ذلك تغير في عام 2022 بعد غزو أوكرانيا وفرض مجموعة السبع سقفاً سعرياً عند 60 دولاراً للبرميل للحد من إيرادات الكرملين مع إبقاء الإمدادات العالمية.
إمدادات كبيرة مطلوب تعويضها
شحنات الهند من النفط الروسي بلغت نحو 1.7 مليون برميل يومياً، أو ما يقرب من 37% من إجمالي مشترياتها الخارجية، في منتصف 2025، معظمها من خام “الأورال” متوسط الكثافة القابل للاستبدال بخامات من الشرق الأوسط. ورغم أن حجم الإمدادات المطلوب تعويضه كبير، إلا أن وفرة المعروض بعد عودة إمدادات “أوبك+” وتراجع الطلب من اقتصادات كبرى مثل الصين جعلت المهمة أقل صعوبة.
حالياً، من المتوقع أن تواصل شركات التكرير الخاصة مثل “ريلاينس إندستريز” و”نايارا إنرجي” شراء الخام الروسي، بما في ذلك العقود طويلة الأجل، في حين تتجنب المصافي الحكومية المشتريات الفورية للتحميل في أكتوبر.
المنتجون الروس بدأوا بالفعل في عرض خام “الأورال” بشكل أكثر قوة على المشترين الصينيين استجابةً لهذا التحول المحتمل، مع خفض الأسعار للعروض المخصصة للتسليم بين سبتمبر وأكتوبر، ما يشير إلى أن بعض الشحنات حُولت عن المشترين الهنود.
اقرأ أيضاً: تراجع شراء الهند لنفط روسيا يدفع موسكو للبحث عن أسواق بديلة
المستوردون الهنود الذين ما زالوا يرغبون في شراء الخام الروسي يواجهون تردداً من الشركاء في البنوك والخدمات اللوجستية، القلقين من تهديد ترمب بفرض ما يُعرف بالعقوبات الثانوية على الداعمين لهذا التجارة. في ظل هذه المخاوف، قال متداولون إن بعض الشركات الخاصة قد تتجه بشكل أكبر لشراء الخام الروسي عبر بنوك أصغر، أو باليوان الصيني، أو باستخدام ناقلات “أسطول الظل”.
ترمب حذر من أنه سيفرض “عواقب شديدة للغاية” إذا لم يوافق بوتين على صفقة هذا الأسبوع، وهي تهديدات يصعب على سوق النفط قياسها أو الاستعداد لها.
وأشار مراقبو السوق إلى أن الصينيين قد يترددون في زيادة مشترياتهم من الخام الروسي، الذي لا يحتاجونه بشدة في ظل تدفق الإمدادات من إيران، لتجنب إثارة غضب واشنطن.