|

منذ الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلي على غزة، فُرضت سياسة تجويع ممنهجة تستهدف أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين في قطاع غزة.

الرضيع الفلسطيني عبدالكريم صبح البالغ (5 أشهر) يعاني من سوء تغذية حاد ويواجه خطر الموت بعد أن حرمته والدته من الحليب والطعام تحت وطأة الحصار الإسرائيلي الخانق مكتفية بتغذيته بالماء داخل خيمة نزوح بمخيم اليرموك في غزة (الأناضول)

تجويع ممنهج يحاصر الحياة في غزة

ومع تشديد الحصار وإغلاق المعابر ومنع دخول المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية، تحوّلت المجاعة من خطر محتمل إلى واقع قاتل يفتك بالأجساد المنهكة.

GAZA CITY, GAZA - AUGUST 2: (EDITORS NOTE: Image depicts death) Body of 17-year-old boy named Atif Ebu Hatir, who lost his live due to malnutrition, seen being taken from Al Helou Hospital in Gaza City, Gaza on August 2, 2025. ( Khames Alrefi - Anadolu Agency )
جثمان الفتى الفلسطيني عاطف أبو حاطر (17 عاما) ضحية جديدة لسوء التغذية في مستشفى الهلال بمدينة غزة (الأناضول)

 

FILE PHOTO: A doctor checks Palestinian girl Jana Ayad, who is malnourished, according to medics, as she receives treatment at the International Medical Corps field hospital, amid the Israel-Hamas conflict, in Deir Al-Balah in the southern Gaza Strip, June 22, 2024. REUTERS/Mohammed Salem/File Photo TPX IMAGES OF THE DAY
الطفلة جانا إياد المصابة بسوء تغذية تخضع لفحص طبي داخل مستشفى ميداني في دير البلح وسط إمكانات طبية شحيحة ونقص حاد في الغذاء والرعاية (رويترز)

 

Nine-year-old malnourished Palestinian girl Mariam Dawwas stands against a wall in the Rimal neighbourhood in Gaza City on August 2, 2025. Dawwas' mother, Modallala, 33, who is living with her family in a displacement camp in the northern Gaza Strip, said her daughter had no known illness and weighed 25 kilograms before the war, but has now dropped to 10 kilograms. The World Health Organisation warned of on July 27 with malnutrition reaching "alarming levels" in Gaza. (Photo by Omar AL-QATTAA / AFP)
الطفلة مريم دوّاس (9 أعوام) تقف منهكة بجسد هزيل في حي الرمال وقد انخفض وزنها إلى 10 كيلوغرامات منذ بداية الحرب وفق ما أفادت به والدتها (الفرنسية)

ووفق وزارة الصحة الفلسطينية، سُجّلت حتى مطلع أغسطس/آب وفاة 175 شخصا على الأقل بسبب الجوع وسوء التغذية، بينهم أطفال ورضّع، في وقت تؤكد فيه المؤسسات الطبية أن أرقام الضحايا مرشحة للارتفاع مع تفاقم الكارثة.

المصدر: موقع الأمم المتحدة الوصف: © UNICEF/Eyad El Baba Babies at Gaza's Al-Shifa hospital being prepared for evacuatio الرابط: https://news.un.org/en/story/2023/12/1144627
أطفال رُضّع يعانون من سوء تغذية يتلقون رعاية طبية محدودة داخل مستشفى ناصر بخان يونس وسط نقص شديد في الحليب العلاجي والأدوية (الأمم المتحدة)

 

Shahinaz al-Dibs cares for her 14-year-old son, Mosab, at Shifa Hospital in Gaza City, Thursday, July 31, 2025. He is largely paralyzed and only partly conscious after suffering a serious head injury on May 7 when an airstrike hit near their tent, and is now malnourished due to the hospital’s lack of supplements and nutrient formula. (AP Photo/Jehad Alshrafi)
شحيناز الديبس ترعى ابنها المصاب موسى (14 عاما) في مستشفى الشفاء بعدما فقد وعيه وأصيب بشلل جزئي نتيجة غارة جوية قرب خيمتهم ويعاني حاليا من سوء تغذية بسبب نقص المكملات الغذائية (أسوشيتد برس)

 

الأطفال الفلسطينيون من مختلف الأعمار يعانون من سوء التغذية ويتلقون علاجا طبيا محدودا بسبب نقص حليب الأطفال والأدوية في مستشفى ناصر في خان يونس (الأناضول)

 

SENSITIVE MATERIAL. THIS IMAGE MAY OFFEND OR DISTURB A man carries the body of Palestinian baby Zainab Abu Haleeb, who died due to malnutrition, according to health officials, at Nasser Hospital in Khan Younis, southern Gaza Strip, July 26, 2025. REUTERS/Ramadan Abed TPX IMAGES OF THE DAY
جثمان الرضيعة زينب أبو حليب التي توفيت نتيجة مضاعفات سوء التغذية في مستشفى ناصر بخان يونس وسط أزمة غذاء خانقة تحصد أرواح الأطفال (رويترز)

وتحذّر منظمات دولية من أن قطاع غزة يحتاج يوميا إلى ما لا يقل عن 500 شاحنة مساعدات، في حين لا تسمح إسرائيل بدخول سوى أعداد محدودة، وغالبا ما تُمنع أو تُستهدف قوافل الإغاثة خلال عبورها، الأمر الذي عمّق من عزلة السكان ودفعهم إلى التجمهر أمام مراكز التوزيع بحثا عن القليل من الطحين أو المعلبات.

A Palestinian youth holds a can of chickpeas from an aid package dropped from an airplane, amid a hunger crisis, in Zawayda, in the central Gaza Strip, July 28, 2025. REUTERS/Hatem Khaled
هذا ما حصل عليه الطفل من مساعدات أُلقيت جوا في منطقة الزوايدة وسط أزمة جوع متفاقمة في القطاع (رويترز)

 

GAZA CITY, GAZA - AUGUST 2: Crowds form as Palestinians, including children, line up in Gaza City, Gaza to receive food distributed by a charity amid ongoing Israeli blockade and attacks on Gaza on August 2, 2025. ( Abdalhkem Abu Riash - Anadolu Agency )
حشود من الفلسطينيين بينهم أطفال يصطفون لتلقي الطعام الذي توزعه إحدى الجمعيات الخيرية في مدينة غزة في ظل استمرار الحصار والعدوان الإسرائيلي (الأناضول)

 

A Palestinian family share a bowl of lentil soup outside their tent in the Daraj neighbourhood in Gaza City on August 3, 2025.
عائلة فلسطينية تتشارك وعاء عدس في العراء أمام خيمتها بحي الدرج في غزة وسط انعدام مقومات الحياة الأساسية (الفرنسية)

وتؤكد منظمة “أونروا” أن القطاع دخل المرحلة الخامسة من انعدام الأمن الغذائي، وهي الأعلى والأكثر فتكا، بينما تتواصل نداءات الإغاثة من المستشفيات والمراكز الصحية التي باتت عاجزة عن التعامل مع حالات الجفاف ونقص التغذية، في ظل انهيار كامل لمنظومة الرعاية الطبية.

سالم عصفور الرجل المُسنّ البالغ 85 عاما يقف داخل خيمته في خان يونس بجسد نحيل يعكس قسوة المجاعة التي تفتك بكبار السن (الأوروبية)

قتل متعمد في طوابير المساعدات

لم تكتف إسرائيل بمحاصرة الفلسطينيين وتجويعهم، بل أمعنت في استهدافهم خلال محاولاتهم الحصول على الطعام، حيث تحوّلت مراكز توزيع المساعدات في غزة إلى “مصايد موت”، بعد أن باتت مواقع تجمع المدنيين لقمة سائغة لهجمات مركزة.

GAZA CITY, GAZA - AUGUST 2: Palestinians carry the bodies after the Israeli forces opened fire on Palestinians waiting for humanitarian aid in the northern Gaza area of Zikim Crossing in Gaza City, Gaza on August 2, 2025. Survivors and witnesses rushed to evacuate the wounded and the dead from the area. ( Khames Alrefi - Anadolu Agency )
فلسطينيون يحملون جثامين ضحايا قُتلوا برصاص الاحتلال أثناء انتظارهم مساعدات إنسانية قرب معبر زيكيم في غزة في واحدة من أكثر الهجمات دموية على المدنيين المجوعين (الأناضول)

 

GAZA CITY, GAZA - AUGUST 2: (EDITORS NOTE: Image depicts death) Palestinians carry the bodies after the Israeli forces opened fire on Palestinians waiting for humanitarian aid in the northern Gaza area of Zikim Crossing in Gaza City, Gaza on August 2, 2025. Survivors and witnesses rushed to evacuate the wounded and the dead from the area. ( Khames Alrefi - Anadolu Agency )
فلسطينيون يُجلون جثامين عدد من الضحايا بعدما فتحت قوات الاحتلال النار على حشود مدنيين كانوا ينتظرون مساعدات غذائية شمال غزة في واحدة من أكثر الهجمات دموية ضد المدنيين العزل (الأناضول)

 

GAZA CITY, GAZA - AUGUST 2: (EDITORS NOTE: Image depicts death) Palestinians carry the bodies after the Israeli forces opened fire on Palestinians waiting for humanitarian aid in the northern Gaza area of Zikim Crossing in Gaza City, Gaza on August 2, 2025. Survivors and witnesses rushed to evacuate the wounded and the dead from the area. ( Khames Alrefi - Anadolu Agency )
شهداء برصاص الاحتلال أثناء انتظارهم مساعدات إنسانية قرب معبر زيكيم شمال غزة في مشهد صادم يوثق إحدى أكثر المجازر دموية بحق المجوعين (الأناضول)

وتكشف الشهادات القادمة من الميدان أن القصف لا يقع في محيط المراكز عشوائيا، بل يستهدف الاحتلال الإسرائيلي الحشود في ذروة تجمعها، مستخدما المدفعية والطائرات المسيّرة والرصاص الحي.

SENSITIVE MATERIAL. THIS IMAGE MAY OFFEND OR DISTURB Palestinians carry a person wounded by Israeli fire, on a pallet, after aid supplies that entered Gaza through Israel arrived, in Beit Lahia, northern Gaza Strip, August 3, 2025. REUTERS/Ebrahim Hajjaj TPX IMAGES OF THE DAY
فلسطينيون ينقلون مصابين على منصة خشبية بعدما استهدفتهم نيران إسرائيلية أثناء تجمعهم للحصول على مساعدات في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (رويترز)

 

A Palestinian mother mourns over the body of her young son, Mohammed Al-Matouq, who was killed while trying to reach aid trucks entering northern Gaza Strip through the Zikim crossing with Israel, at Shifa Hospital in Gaza City, Monday, Aug. 4, 2025. (AP Photo/Jehad Alshrafi)
أم فلسطينية تبكي ابنها محمد المطوق الذي استشهد أثناء محاولته الوصول إلى شاحنة مساعدات قرب معبر زيكيم شمال غزة (أسوشيتد برس)

 

Mourners react during the funeral of Palestinians, who were killed by Israeli fire while trying to receive aid on Sunday, according to medics, at Al-Shifa Hospital, in Gaza City, August 4, 2025. REUTERS/Mahmoud Issa
مشيّعون يذرفون الدموع خلال جنازة عدد من الفلسطينيين الذين استشهدوا بنيران الاحتلال أثناء انتظارهم مساعدات غذائية في غزة وفق مصادر طبية (رويترز)

وبين أن يُترك الفلسطيني جائعا حتى يفترسه جسده، أو يُستهدف وهو يمد يده نحو كيس طحين، تقف غزة اليوم شاهدة على أحد أبشع وجوه العقاب الجماعي في العصر الحديث.

ولم يعد القتل في غزة يتم بصواريخ فقط، بل بالغذاء الممنوع، والماء الملوث، والمساعدة المشروطة بالدم. وتحت صمت دولي مريب، تتواصل جرائم التجويع والقتل الإسرائيلي، بينما يلاحق الموت سكان القطاع من مراكز الإغاثة إلى خيام النزوح، ومن الطفولة الجائعة إلى الأمهات الثكالى.

شاركها.