|

كشف تقرير إسرائيلي عن أزمة غير مسبوقة في صفوف الضباط بالجيش الإسرائيلي، وسط اعتراف رسمي من قيادة الجيش بحجم التآكل الذي أصاب وحداته القتالية، وبوجود فجوات حادة في القوى البشرية نتيجة الاستنزاف المستمر منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ووفقا لتقرير المراسل العسكري لصحيفة معاريف آفي أشكنازي، فإن الجيش الإسرائيلي يعاني حاليا من نقص يبلغ نحو 300 ضابط في مواقع قيادة حيوية ضمن الكتائب القتالية بسلاح البر، وتحديدا في وظائف قادة السرايا والفرق.

ويأتي ذلك في ظل تقديرات تشير إلى أن نحو 7500 جندي مقاتل و2500 عنصر دعم قتالي باتوا مطلوبين لسد العجز الناتج عن توسع العمليات.

اعتراف غير مسبوق

وينقل أشكنازي للمرة الأولى إقرار قيادة الجيش الإسرائيلي بأن حجم التآكل كبير، وأن تعداد القوات المتاحة “أصغر بكثير” من حجم المهام الملقاة على كاهل الجيش، وهذا بالضبط ما سبق للجنرال الإسرائيلي إسحاق بريك أن أكد عليه مرارا في مقالاته المنشورة بالصحيفة ذاتها.

وجاء في التقرير أن الحرب خلفت عشرات القتلى في صفوف الضباط ومئات الجرحى، كثير منهم لم يستكملوا مرحلة التعافي للعودة إلى الخدمة.

كما يعكس هذا الإقرار حجم الضغوط الميدانية المتزايدة، حيث اضطر الجيش خلال الأشهر الأخيرة إلى فتح كتيبة إضافية في قاعدة الضباط “بهاد 1” لتسريع تدريب الضباط الاحتياطيين، وقد أنجزت هذه الكتيبة حتى الآن دورتين تدريبيتين، في حين تُجرى الدورة الثالثة حاليا على أن تبدأ الدورة الرابعة قريبا، في محاولة لسد الفجوات المتزايدة في القيادات الوسطى.

وبحسب التقرير، فإن أكبر فجوة في الكوادر القيادية تتركز في سلاح الهندسة القتالية، حيث يعاني الجيش من نقص في قادة الفرق ووحدات التفكيك الهندسي (فرق تفجير العبوات والتعامل مع الأنفاق).

ويؤكد مسؤولون عسكريون أن الجيش يواجه صعوبة بالغة في إقناع الجنود المتميزين بالالتحاق بدورات الضباط، مما دفعه إلى تكليف رقباء قدامى بمهام مؤقتة لقيادة الفرق على نحو اضطراري.

كما اضطرت قيادة الجيش إلى تعيين ضباط في وحدات نظامية واحتياطية دون أن يكونوا قد اجتازوا دورات قيادة الفصائل، وهو ما يعكس حجم الضغط على منظومة القيادة الميدانية.

ضغوط هائلة

ويكشف التقرير أيضا عن جانب آخر من الأزمة القيادية في الجيش الإسرائيلي، حيث يتحمل أصحاب الرتب الأعلى من قادة الكتائب ونوابهم (مقدمو الكتائب ونوابهم) “أعباء قتالية ضخمة”، في ظل ابتعاد متواصل عن منازلهم وعائلاتهم.

وبحسب ما ورد في التقرير، فإن عددا متزايدا من الضباط الكبار طلبوا النقل إلى مواقع خدمية أقل توترا مثل الملحقيات العسكرية، أو الالتحاق بمسارات دراسية، أو الانخراط في وظائف مكتبية وتدريبية.

ويقول أحد قادة كتائب الاحتياط “الوضع منهك، من يدفع الثمن هم العائلة والأطفال، منذ أكتوبر أمضينا قرابة 400 إلى 450 يوما في الخدمة الاحتياطية، كثيرون منا كانوا قد خططوا لإنهاء خدمتهم بعد 4 سنوات، والآن يصرون على ذلك بعد هذا الاستنزاف”.

ويضيف “أنا شخصيا كنت مرشحا لوظيفة إدارية رفيعة في مكان عملي المدني، لكن تغيبي المستمر لأشهر بسبب الاحتياط دفع أصحاب العمل إلى اختيار مرشح آخر أكثر تفرغا، لا أعتقد أن بإمكاني الاستمرار في هذا الإيقاع أكثر من 4 سنوات”.

ويقول تقرير أشكنازي إن من أسباب تفاقم العجز في الكوادر القيادية اتساع حجم الوحدات القتالية، حيث ارتفعت تركيبة القوات المدرعة (سلاح المدرعات) بأكثر من 30% منذ اندلاع الحرب (بسبب تجنيد الاحتياط)، كما تضاعف عدد الجنود في سلاح الهندسة القتالية، وجرى تشكيل سرايا جديدة في ألوية المشاة.

ويضيف التقرير أنه مع إنشاء “الفرقة الشرقية” وتعزيز قوات الخط الأمامي في الجبهة الشمالية ازداد الضغط على الموارد البشرية وارتفع الطلب على الكوادر القيادية.

وفي تعقيبه على ما ورد في التقرير، حاول الناطق باسم الجيش الإسرائيلي تخفيف حدة الأزمة، وقال إن “قادة الفرق في القوات البرية يقودون المعارك في مختلف الجبهات”، زاعما أنه “لا يوجد نقص في قادة الفرق بالوحدات النظامية”.

لكنه اعترف بأن الفجوات في قوات الاحتياط “ظاهرة مستمرة منذ سنوات ما قبل الحرب”، وأن الجيش يعمل على تضييق الفجوات في التأهيل من خلال دورات خاصة تم تصميمها خصيصا لقوات الاحتياط و”بزخم متزايد منذ بداية الحرب”.

شاركها.