|

مع بدء تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة السويداء جنوبي سوريا، تأمل الحكومة السورية وأهل المحافظة أن يسهم الاتفاق في إنهاء التوتر والاقتتال الذي شب بين العشائر العربية البدوية وجماعات مسلحة تصفها الحكومة بالخارجة عن القانون، خاصة أن هناك عوامل ضاغطة -بحسب مراقبين- يمكنها أن تجعل الاتفاق الحالي يصمد هذه المرة .

وبحسب كثيرين، فإن الاتفاق يضع القيادة السورية أمام امتحان حقيقي، وإذا نجحت فيه فإنها ستجهض مخططات التقسيم التي تستهدف وحدة الأراضي السورية، كما أن حالة الفوضى العارمة التي شهدتها محافظة السويداء في أعقاب انسحاب القوات السورية إثر القصف الإسرائيلي على أماكن سيادية سورية، دفع واشنطن لرفض محاولات تل أبيب لزعزعة أمن واستقرار سوريا.

وقال الرئيس السوري، أحمد الشرع، إنه تلقى دعوات دولية للتدخل فيما يجري بالسويداء وإعادة الأمن للبلاد، مشددا على أن سوريا ليست ميدانا لمشاريع الانفصال والتقسيم، ومؤكدا أن التدخل الإسرائيلي أعاد توتر الأحداث في السويداء إثر القصف السافر للجنوب والعاصمة دمشق.

ولعبت الوساطة الدولية العربية وتحديدا الخليجية دورا في تحقيق اتفاق وقف إطلاق النار في المحافظة السورية، والذي يشمل 3 مراحل، الأولى تتضمن فض الاشتباك بين المجموعات المسلحة وقوات العشائر العربية، والثانية إدخال المساعدات الطبية اللازمة وتوفير الخدمات الأساسية، والثالثة تبدأ بعد تثبيت التهدئة بتفعيل مؤسسات الدولة وانتشار عناصر الأمن الداخلي في جميع أرجاء المحافظة.

وجاء التدخل الدولي بعد أن تفاقمت الأوضاع في السويداء، وتركت تداعيات خطيرة على السكان، كما يقول الكاتب والباحث السياسي، مؤيد غزلان قبلاوي لبرنامج “ما وراء الخبر”.

وما يُميز الاتفاق الحالي عن سابقه أنه يتطرق -وفق غزلان قبلاوي- إلى عناوين عامة سهلة التطبيق، كما أنه سيطبق على مراحل، مما يكفل صدق النوايا من الطرفين بعدم اختراقه ويسمح لدروز السويداء بتوفير المناخ المناسب لانتشار قوات الأمن الوطني في المحافظة.

دور حاسم

وفي السياق نفسه، يرى محللون ومراقبون أن الدور الأميركي كان حاسما في مسألة التوصل إلى اتفاق السويداء، وهو ما يشير إليه ستيفن هايدمان، الباحث في مركز سياسة الشرق الأوسط بمعهد بروكينغز، إذ يعتقد أن التفكير الأساسي للإدارة الأميركية قد تغير حيال التدخل الإسرائيلي في سوريا، حيث “فهمت واشنطن أن إسرائيل كانت تؤدي دورا مزعزعا للاستقرار في المنطقة”.

ووصف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو التصعيد الإسرائيلي في سوريا بأنه “غير مفيد”، وفضلا عن ذلك ترى إدارة الرئيس دونالد ترامب -يتابع هايدمان- أن إسرائيل ليس باستطاعتها شن حرب جديدة في كل مرة ضد جيرانها.

والعامل الآخر الذي لم يكن في صالح إسرائيل هو القوات الدرزية التابعة لحكمت الهجري، والتي تكبدت خسائر جمة في خضم الاقتتال التي كانت تخوضها مع قوات العشائر العربية، وفق الضيف الأميركي.

وترى إدارة ترامب أن وقف إطلاق النار في السويداء سيعطي فرصة للحكومة السورية كي ترسخ وجودها في المحافظة وتفرض وجودها، وهي مقاربة يقول هايدمان في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر” إنها تظهر في موقف المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا والسفير لدى تركيا توم برّاك خلال المباحثات الثلاثية التي عقدت في العاصمة الأردنية عمّان رفقة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ونظيره السوري أسعد الشيباني، وتناولت الأوضاع في سوريا.

وأثناء اللقاء أكد الصفدي وبرّاك على وقوف المملكة الأردنية والولايات المتحدة وتضامنهما الكامل مع سوريا وأمنها واستقرارها وسيادتها وسلامة ووحدة أراضيها وسلامة مواطنيها.

ورغم “الفهم” الأميركي للدور الإسرائيلي في سوريا، كما يؤكد هايدمان، فإن إسرائيل تستمر في موقفها، وهو ما يلفت إليه الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي، إيهاب جبارين، بقوله إن إسرائيل ترى أن “الهدنة الحالية في السويداء لا تغير المعادلة الكبرى، ولكنها قد تشكل فاصلا على المدى الطويل في مسار تآكل داخلي للدولة السورية”.

شاركها.