فى الحديث عن التاريخ وبالأخص تاريخ مصر الفرعونية القديمة لا يمكن أن تتأكد أبداً بأنك ملم بسرد جميع قصص وحكايات ملوك وملكات مصر الفرعونية القديمة ، حضارة ذات تاريخ حافل بعظمة تبهر وتثير أطماع العالم بأسره لم ولن تندثر أبدا وكلما أنتهينا من الحديث عن ملك يأتي أخر شديد الأهمية ويحمسنا كي نتحدث عنه وهنا أتي الملك بيبي الأول) و هو ملك فرعوني من الأسرة السادسة وأتى خلال الحقبة 2402 ـ 2377 ق.م. .
و اشتهر بتمثاله الضخم المصنوع من النحاس المطروق والموجود حاليا في مدينة هيراكنوپوليس (نخن).
وهو من عصر الأسرة السادسة التي حكمت منذ عام 2420 ق.م.
و كان الملك پپي الأول ابنا للملك “تتى” من الملكة “إبوت الأولى ” ، أبعده المغتصب اوسر كا رع عن عرش أبيه بعد وفاته مباشرة.
وأخيرا، وبعد توليه مقاليد الحكم وأعتلي العرش الذي استمر فترة طويلة من 2289 – 2247 ق.م قام بتغيير اسمه الأول من “نفرساحور ” إلى “مريرع ” .
و تزوج پپي الأول من فتاتين تحملان اسم “عنخ نس مري رع ” تنتميان لإحدى عائلات أبيدوس، وكان أخوهما “جاعو ” يحمل لقب وزير.
و نجح الملك بيبي الأول في الدفاع عن حدود مصر عامة، وحدودها الشرقية خاصة. فقد جاء في نص نقشه قائد جيشه “وني” على جدران مقبرته في أبيدوس ذكر المعارك التي خاضها ضد قبائل “عامو حريوشع” في فلسطين، إذ يذكر أن الملك جهز جيشاً عظيماً من أنحاء مصر، ثم يذكر الأماكن التي مر بها الجيش، وكلها تقع شرقي مصر على الطريق الذي يربط مصر بفلسطين، وبعد ذلك يصف القائد “وني” ما فعله في فلسطين، إذ دمّر قلاعها المسورة، وقطع تينها وكرومها، وحرق بيوت السكان، وقضى على كثير من الجنود، وأحضر الكثير من الأسرى أحياء. ثم يذكر “وني” أن الملك پپي الأول بعث الجيش خمس مرات إلى فلسطين بقيادته، وقد استخدم المصريون الأسطول في المعركة الأخيرة، إذ واكب الأسطول القوات البرية، وحقق النصر في منطقة جبل الكرمل بفلسطين.
وكان الهدف من هذه المعارك الحفاظ على أمن الطريق التجارية بين مصر وفلسطين خاصة، وبلاد الشام عامة، والقضاء على الفوضى التي كانت تحدثها القبائل الأمورية المهاجرة إلى فلسطين في ذلك الوقت، كي لا تحرم مصر من أرباح تجارتها مع بلاد الشام.
أدرك پپي الأول زيادة نفوذ أمراء الأقاليم، فعمل على توطيد مركزه عن طريق التقرب إليهم، فصاهر إحدى عائلات الصعيد القوية، إذ تزوج من ابنة أمير أبيدوس التي أنجبت له ولده وخليفته على العرش “مري ان رع”، ومن المحتمل أن والدة هذا الأمير توفيت وهو صغير فتزوج والده من شقيقتها، وقد أنجبت هذه ولداً آخر تولى العرش بعد أخيه.
وبقي لنا الكثير من أوجه نشاط هذا الملك في إقامة المنشآت: مثل (ناووس) إلفنتين و(قصر الكا) في كل من أبيدوس وتل بسطة، هذا بخلاف تمثاله الشهير المصنوع من النحاس والذي عثر عليه في “هيراكونبوليس ” .
وأصدر الملك پپي الأول أثناء حكمه مرسوما ينص على حصانة وصناعة مدينة هرم الملك سنفرو، مما يوضح لنا خضوعها ورضوخه للضغوط المنادية بالحكم الذاتي والتي كانت تمارسها بعض المناطق والمؤسسات والتي تزايدت وتفاقمت خلال سنوات حكم تلك الأسرة.
ولعل من أهم معالم سياسة پپي الأول الخارجية هي حملاته إلى جبيل ، وشبه جزيرة سيناء والنوبة، وبعض الحملات العسكرية ضد الآسيويين.
و شيد الملك پپي الأول هرمه بسقارة، وزين جدران ممراته بالنصوص الجنزية المعروفة باسم “نصوص الأهرام” وأطلق على هرمه اسم “من نفر”، ولذلك يعتقد بعض الباحثين أن اسم أقدم وأول عاصمة لمصر الموحدة قد اشتق من هذه التسمية “منف”، وقد ارتقت الفنون في عهده ارتقاءً عظيماً، وخير شاهد على هذا الارتقاء تمثاله المصنوع من النحاس، الذي عُثر عليه في هيراكنو بولس (نخن)، ويُعرض في متحف القاهرة، وتماثيله المنحوتة من حجر المرمر في متحف بروكلين بنيويورك.
وجدت مومياؤه سليمة في هرمه الذى دخلوه عام 1880 م وقد عين ونى حاكما مسيطرا على الوجه القبلى من الفنتين جنوب أسوان حتى أطفيح وأرسله الفرعون الى محاجر ابهات ببلاد النوبة ومحاجر الفنتين ثم الى محاجر المرمر في حتنوب في مصر الوسطى . ثم أرسله الملك لعمل خمس ترع في الجنوب .
ومن عظماء الفنتين حرخوف ومقبرته محفوظة على الضفة الغربية من شلال أسوان ويعتبر حرخوف أول كاشف لمجاهل أفريقيا وقد قام بثلاث رحلات في عهد الملك مرن رع.