|

نبه مكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة اليوم الجمعة إلى استمرار مماطلة الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ البروتوكول الإنساني من اتفاق وقف إطلاق النار على الرغم من مرور 20 يوما على دخوله حيز التنفيذ، مؤكدا أن هذه المماطلة تؤدي إلى “تدهور الأوضاع الإنسانية الكارثية في قطاع غزة بشكل خطير”.

ومن خلال رصده وتوثيقه سلوك الاحتلال، ذكر المكتب في بيان له اليوم أن التعهدات التي نص عليها الاتفاق لم تُنفذ بالشكل المحدد، مما يفاقم معاناة أكثر من 2.4 مليون إنسان في قطاع غزة. مضيفا أن الواقع يثبت أن الاحتلال “لا يترك فرصة للتنصل من التزاماته بتنفيذ الاتفاق بشكل عام”.

واستشهد المكتب في ذلك برصد عدد من الحقائق، ذكر منها أن حجم المساعدات التي دخلت إلى قطاع غزة لا يزال بعيدا عن الحد الأدنى المطلوب، حيث لم يتجاوز عدد الشاحنات التي دخلت القطاع منذ بدء تنفيذ الاتفاق 8500 شاحنة، من أصل 12 ألف شاحنة يفترض دخولها. أما عدد الشاحنات التي وصلت شمال غزة فبلغ 2916 شاحنة بدلا من 6 آلاف.

وعن طبيعة ونوعية هذه المساعدات، قال إن “غالبيتها تحمل طرودا غذائية وخضارا وفواكه وسلعا ثانوية كالأندومي والشكولاتة والشيبس، على حساب الاحتياجات الأخرى، مما يعني تلاعبا واضحا بالاحتياجات وأولويات الإغاثة والإيواء”.

وعلى صعيد المأوى، ذكر المكتب الحكومي في بيانه أن الحاجة الفعلية تصل إلى 200 ألف خيمة و60 ألف بيت متنقل، إلا أن ما تم إدخاله لم يتجاوز 10% من الخيام، ولم يدخل أي بيت متنقل، مما يعني أن مئات الآلاف من المواطنين يواجهون فصل الشتاء القاسي دون مأوى مناسب.

مكتب الإعلام الحكومي بغزة يؤكد الحاجة إلى 200 ألف خيمة و60 ألف بيت متنقل لإيواء العائدين (الأوروبية)

منع متعمد

وفيما يتعلق بالوقود، قال إنه رغم النص بشكل واضح على إدخال 50 شاحنة وقود يوميا لتشغيل المستشفيات والمرافق الأساسية، فإن ما وصل بالفعل لم يتجاوز 15 شاحنة يوميا، مما تسبب في تفاقم أزمة الكهرباء وشل عمل المستشفيات والقطاعات الخدماتية المختلفة.

كما نبه المكتب في بيانه إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يمنع بشكل تام إدخال بقية مستلزمات الإيواء من المولدات الكهربائية وقطع غيارها وألواح الطاقة الشمسية والبطاريات والأسلاك وخزانات المياه، ويمنع التنسيق لإدخال مستلزمات الترميم الجزئي لشبكات المياه والصرف الصحي في شمال القطاع، كما أخبرتنا مؤسسات وجهات دولية.

وفيما يتعلق بالجانب الصحي، قال المكتب إن الاحتلال يتلكأ في إدخال المعدات والأجهزة الطبية والوقود الطبية والمستشفيات الميدانية، ولم يلتزم بإخراج الجرحى والمرضى، وقد مات 100 طفل مريض جراء المماطلة في إخراجهم، وتوفي 40%؜ من مرضى الكلى بسبب عدم قدرة المستشفيات على غسيل الكلى.

المعاناة تتواصل (الأوروبية)

وحمل المكتب الحكومي في غزة الاحتلال المسؤولية عن هذا الواقع الإنساني المنكوب، محذرا من “تداعيات هذا المنع والتلكؤ والتلاعب من قبل الاحتلال على الواقع الإنساني الكارثي داخل قطاع غزة”.

كما طالب الوسطاء بـ”الضغط لإلزام الاحتلال بتنفيذ ما ورد نصا في الاتفاق خاصة بنود البروتوكول الإنساني، الذي يمثل الحد الأدنى من الاحتياجات العاجلة المقبولة والمطلوبة لشعبنا في هذه المرحلة”.

ودعا المكتب الحكومي المجتمع الدولي إلى “تحمل مسؤولياته وعدم الاكتفاء بدور المتفرج على هذه المأساة الإنسانية التي يسعى الاحتلال عبرها للاستمرار في حرب الإبادة والتطهير العرقي ضد شعبنا، ولكن بأشكال أخرى أقل دموية كالحصار ومنع إدخال الاحتياجات الحياتية”.

واعتبر المكتب أن منع إدخال المعدات الثقيلة والآليات اللازمة لرفع 55 مليون طن من الركام “يعني عدم القدرة على إخراج جثامين الشهداء وفتح الشوارع”، منبها إلى أن ذلك سيؤثر بلا شك في قدرة المقاومة على استخراج قتلى الاحتلال من الأسرى الذين قصفهم من تحت هذا الركام”.

واختتم المكتب بيانه بالمطالبة بـ”الإسراع بعقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار قطاع غزة، والشروع بشكل عاجل في توفير كل الاحتياجات الإنسانية التي يحتاجها شعبنا تثبيتا لصموده ولإفشال مخططات الترحيل والتهجير”.

خيام وسط الركام لا تمنع بردا أو توفر دفئا (الأوروبية)

شتاء قارس

من جانبها، أفادت بلدية غزة، اليوم، بأن المنخفض الجوي العاصف الذي يضرب القطاع تسبب بتطاير وغرق عشرات الخيام التي تؤوي نازحين فلسطينيين ممن دمرت إسرائيل منازلهم على مدى أكثر من 15 شهرا من الإبادة الجماعية.

وقال المتحدث باسم البلدية حسني مهنا إن مياه الأمطار والرياح الشديدة اجتاحتا مراكز الإيواء والمخيمات المؤقتة، وتسببت في تطاير عشرات الخيام ودخول المياه لعدد آخر، في ظل حاجة مدينة غزة لـ120 ألف خيمة أو وحدة إيواء مناسبة.

وذكر مهنا أن آلاف الفلسطينيين، من بينهم أطفال ونساء وكبار في السن، اضطروا لقضاء ساعات الليل وسط البرد القارس وفي ظل النقص الحاد بوسائل التدفئة، مما زاد من معاناتهم في ظل واقع إنساني صعب يفتقر لأدنى متطلبات الحياة الكريمة.

وأوضح أن فرق البلدية تتابع الأوضاع عن كثب رغم الظروف الصعبة التي تمر بها مدينة غزة، فإن الإمكانيات شبه المعدومة نتيجة الدمار الواسع الذي طال البنية التحتية خلال الإبادة الجماعية، تجعل الاستجابة الفورية لاحتياجات النازحين تحديا كبيرا.

وأضاف “ما نشهده اليوم هو كارثة إنسانية حقيقية، فالعائلات التي فقدت منازلها تعيش في ظروف مأساوية، ولا توجد حلول فعلية تقيهم من برد الشتاء القارس”.

وأشار مهنا إلى أن النازحين بحاجة ماسة إلى خيام أكثر أمانا وأغطية شتوية ووسائل تدفئة ومواد غذائية لمساعدتهم على مواجهة هذه الظروف القاسية.

ودعا المؤسسات الدولية والإنسانية إلى التحرك العاجل لإنقاذ آلاف الأسر التي تعاني أوضاعا غير مسبوقة، لافتا إلى أن القطاع يواجه أزمة إنسانية متفاقمة، حيث تتزايد احتياجات النازحين يوما بعد يوم في ظل استمرار الحصار وصعوبة إيصال المساعدات، مما يتطلب استجابة دولية سريعة للحد من هذه المعاناة المستمرة.

شاركها.