يمتلك وادي وجّ في محافظة الطائف إرثًا ومخزونًا ثقافيًا يزخر بالمكانة التاريخية، إذ يصنف من أشهر الأودية في المدينة وأقدمها سنًا، ويعدُ الفاصل الطبيعي الذي يقسم الطائف إلى قسمين شرق وغرب، حتى أصبح في عصرنا الحديث مكانًا سياحيًا لقضاء فترات الاستجمام في حدائقه الخضراء وبساتينه الغناء، وأشجاره المزهرة، ووروده الملونة ومرتفعاته الصخرية التي تطل على المدينة بشكل بانورامي ساحر ومختلف للغاية.
وعُرف وادي “وج” قديمًا بأنه الأب الأول، وعندما سكنته ثقيف طوقوه بـ(سور) يحميه فسمي “الطائف” بدلا من وج، إذ يحتفظ الوادي بتاريخ عريق وحضارة وثقتها المصادر اللغوية والأدبية.
وتناول عنه المؤرخون معلومات أضفت تراثه القديم الذي خلفته الإنسانية المتعاقبة على أرضه، لما تمتلكه بطون أرضه من ثروات بيئية وطبيعية وقصص وأحداث ومشاهد قديمة.

أقرب الأودية من مكة

وأكد أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية صالح الخليف، أن وج قديمًا يُعد أقرب الأودية مسكنًا إلى أهل مكة المكرمة، وذا صلة مباشرة بهم من خلال المجالات الزراعية كافة، إذ يتأثر ويؤثر كل منهما في الآخر، كما ساد بينه وبين الإنسان علاقة خاصة، منذ عهد قريش وأحلافها.
وأوضح أن الوادي الشهير والأكبر عمرًا في التاريخ يشق الطائف من جنوبه الغربي إلى شماله الشرقي، وتصب فيه مئات من الأودية الصغيرة، حتى أقامت ثقيف حول مدينتهم الطوف الشهير، فتحول الاسم إلى الطائف على اسم الطوف.

تحديات ندرة المياه

وأضاف الخليف إلى أن أرض وج تمتاز منذ القدم بنظام الري المائي والسقيا الفريده من نوعها، للتصدي لتحديات ندرة المياه وعصب الحياة، إذ عكست هذه الأنظمة المائية القديمة التي اشتهر بها الوادي منذ أمد بعيد كالعيون والآبار القديمة التي تعد بالمئات، على قدرتها في إدارة منظومة قطاع المياه وإمداداته في الزمن القديم.
وأشار إلى أن الوادي شهد نقلات بشواهد متسلسلة في الحلول وضمان الأمن المائي، وحظي بعصر تنموي متقدم لمصادر المياه والخزن الإستراتيجي، ومحور رئيس في تطور مشاريع وأفكار البنى التحتية للقطاع الزراعي، ونقطة انطلاق لمرحلة في بناء منظومة متكاملة لاستدامة المياه لما يحمله من أعين جارية رقراقة.

عيون المياه الجارية

ويرصد الزوار عيون المياه الجارية في أودية الطائف، التي تعد إحدى الشواهد في تطوير موارد إنسان الطائف، إذ تقع بعضها في قرية “الوهط” جنوب غربي “الطائف” على امتداد وادي “وج” و”أعين المثناة والسلامة والجال وغيرها”.
إذ تعد هذه العيون منهلًا طبيعيًا تتدفق منها المياه طيلة أيام السنة لسقيا السكان، وري المزارع التي كانت وما زالت رافدًا اقتصاديًا لأهالي المحافظة.

شاركها.