لم يكن “متنزه الردف” الملاذ الرئيس ومتنفس الأهالي والزوار بأجوائه العليلة، الكائن في قلب المدينة التاريخية فاتنة الشعراء الطائف، مجرد موقعًا ترفيهيًا للنفس وترويحًا لها.
بل يجد فيه جموع الحاضرين قصصًا لحكايات الأساطير، بنقوشه الثمودية القديمة التي سكنت صخوره الشامخة، لتكون شاهدة على قصص محفورة في ذاكرة المكان، تنقل من خلالها روايات الأجداد والأجيال التي عاشت بهذا الموقع، وما تركته من بصمة معرفية ثمينة يتأملها الزائر والمهتم بفك ألغازها والغوص في أعماق تاريخه المجيد.
التاريخ الإنساني
وظلت النقوش الثمودية في متنزه الردف الترفيهي، جسرًا يربط الحاضر بأولئك الذين ساروا على هذه الأرض قبل آلاف السنين، الذين أذنوا لنا بلمس جزء من تاريخهم الإنساني، المحفور بين تمايل أشجاره المعمرة مع نسائم هواءه العليل.
وتبرز هذه النقوش ورسائلها أن متنزه أرض الردف موقع أثري ترفيهي جمع الماضي بالمستقبل، واحتفظ بعدد كبير من النقوش والرسوم الصخرية المنتشرة في جباله قصيرة القامة.
أبرز المواقع الأثرية
ويعد موقع الردف من أبرز المواقع الأثرية، ويضم كما هائلًا من النقوش العربية الإسلامية، في حين أن هناك العديد من المواقع الأخرى التي سجلت حضورًا قويًا للخط العربي الإسلامي في البدايات، وتوجد داخل وبالقرب من الطائف، منها جبل أم العراد، وهضبة بانية، وأم السباع، وحمى النمور، ومتنزه سيسد، وغدير البنات، وسد السملقي، وجبال وأودية السيل الكبير والصغير.
خلاصة عطر ورد الطائف
ويقول المؤرخ عبدالله السعيد، إن الطائف لم تكن وليدة في التاريخ بل وليدة له منذ أمد بعيد، وخلاصة عطر وردها في موروثها وتاريخها، فهي من أقدم المدن التي جرى استيطانها في الجزيرة العربية، التي عُرفت في كتب التاريخ، وثالث المدن الحضرية قبل الإسلام بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وأضاف يمتد تاريخها إلى أكثر من 2000 عام عميقة في الذاكرة وعتيقة، إذ أكسبها موقعها الاستراتيجي سمعة واسعة ومكانة مهمة وملهمة، لتكون مركزًا تجاريًا بين العديد من الحضارات القديمة، وطرقًا عُبدت لرحلتي الشتاء والصيف، ومحطة لجنوب الجزيرة إلى شمالها، لينعكس ذلك على الطائف الذي تحكي مواقعة الأثرية عراقة وتاريخ وماضي هذه المدينة، عظيمة الحضارة والباسقة منذ القدم.
النقوش والرسوم الصخرية
وأوضح السعيد أن الطائف ومجدة يبرز مواقعه الأثرية وليس العكس، التي تمثلت في النقوش والرسوم الصخرية المنتشرة في الجبال والأودية، فيحتفظ بعدد كبير من مواقع النقوش الإسلامية، تباينت بين العديد من المواضع والأماكن، إذ يعد فيها موقع الردف ومنتزهه الترفيهي من أبرز المواقع الأثرية، لما يضم من كم هائل من النقوش.
وأشار إلى أن سبب تسمية الردف كان لترادف حجارتها الجيرانيتية وصخورها بعضها فوق بعض.