|

منذ إعلان استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار، سعت إسرائيل إلى التلاعب بروايتها حول كيفية مقتله؛ بحثًا عن سردية انتصار تعزز صورتها أمام المجتمع الإسرائيلي والدولي.

ووفقًا للتقارير الإسرائيلية، تعددت الروايات حول كيفية وقوع الحدث، حيث حاول الإعلام الإسرائيلي والجيش صياغة رواية متماسكة تؤكد السيطرة والنجاح، في وقت أظهرت فيه الحقائق تناقضات وتغييرات مستمرة.

ورصد صهيب العصا في تقرير للجزيرة، روايات الاحتلال المتتالية لما حدث مساء الأربعاء 16 أكتوبر/تشرين الأول 2024، والتي بدأت بإعلان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على منصة إكس أنه تم قتل زعيم حركة حماس في رفح جنوبي القطاع الليلة الماضية.

إلا أن ذلك كشف أن الجيش الإسرائيلي لم يتمكن إلا بعد 24 ساعة من وقوع الحدث من التعرف على هوية الرجل المنشود، وهو الأمر الذي يُمكن أن يطرح تساؤلات حول كيفية تنفيذ العملية وفاعليتها.

وبينما سارع وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي ورئيس جهاز الأمن الداخلي (شاباك) رونين بار، إلى موقع الحدث دون أي تفاصيل عما جرى قبل ذلك بساعات، انتشرت صور عبر منصات إسرائيلية على تليغرام تظهر السنوار مقتولا، مما دفع وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى التكهن بأن من ظهر في الصور قتل في مواجهة واشتباك.

طابع درامي

ورغم ذلك، سعت إسرائيل إلى تجاهل الصور وركزت على نشر مقاطع فيديو تزعم أنها توثق عملية مطاردة السنوار على مدار عام، محاولة إضفاء طابع درامي على العملية.

وفي تحول آخر في رواية الجيش، أُعلن أن السنوار لم يكن مختبئا في نفق كما زعمت الرواية الأولى، بل قُتل أثناء اشتباك مسلح مع قوات إسرائيلية.

واعترف الجيش لاحقًا بأن السنوار قُتل مع اثنين من مرافقيه، ولكن الرواية تبدلت مرة أخرى لتصبح أن الثلاثة تفرقوا من المنزل الذي تحصنوا فيه.

وكان أحد المرافقين الذين قُتلوا قائد كتيبة تل السلطان، محمود حمدان، الذي كانت إسرائيل قد أعلنت اغتياله في العاشر من سبتمبر/أيلول، أي قبل الاشتباك بـ5 أسابيع.

ولم تعلم إسرائيل بوجود حمدان مع السنوار إلا بعد إعلان حماس عن ذلك في اليوم التالي، مما كشف عن فجوات في المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية.

مشاهد مبالغ فيها

ونشرت القناة 12 الإسرائيلية مقطع فيديو مدته 3 دقائق يُظهر جزءا من الاشتباك الذي استمر لـ6 ساعات، ولكن الفيديو تضمن مشاهد درامية مبالغًا فيها، حيث ظهر جنود إسرائيليون وهم يتقدمون نحو المنزل الذي تحصن فيه السنوار دون أي مقاومة نارية تُذكر من الطرف الفلسطيني.

وعلى الرغم من أن إسرائيل عادة ما تستخدم القوة المفرطة في مثل هذه العمليات، كتدمير أحياء كاملة أو إطلاق قذائف على المباني، فإن الفيديو لم يظهر مثل هذه المشاهد، مما أثار تساؤلات حول مصداقيته.

وفي محاولة أخرى لتشويه صورة السنوار بعد رحيله، نشر الجيش الإسرائيلي مقاطع فيديو يقول إنها تُظهر السنوار وعائلته قبل ساعات من تنفيذ عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حيث تم تصوير الرجل وهو يؤمّن نفسه وعائلته في نفق محصن، مما دفع الجيش إلى اتهامه بترك الفلسطينيين لمصيرهم.

كما نشر الجيش مزيدا من التفاصيل حول “الحياة المرفّهة” التي كان يعيشها السنوار، زاعمًا أنه كان بحوزته أموال كبيرة في مخبئه.

ومع كل هذه التفاصيل المتضاربة، يبدو أن إسرائيل لا تزال تسعى لبناء رواية متماسكة حول مقتل السنوار، ولكن مراقبين إسرائيليين يرون أن هذه الروايات المتعددة والمتناقضة قد تُحوِّل استشهاد السنوار إلى رمز وأيقونة للصمود والمقاومة.

شاركها.