تزايد الاهتمام بالسفر الصحي والرفاهية دفع إلى ظهور اتجاه جديد يجمع بين متعة القراءة والاسترخاء في وجهات مميزة. تُعرف هذه الرحلات باسم خلوات القراءة، وهي تجذب بشكل متزايد المسافرين الذين يبحثون عن ملاذ هادئ بعيدًا عن صخب الحياة اليومية. توفر هذه الخلوات فرصة للاستمتاع بالكتب، والتواصل مع قراء آخرين، والتركيز على الرعاية الذاتية، والانفصال عن التكنولوجيا.

شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعًا في شعبية هذه النوعية من الرحلات، خاصةً بعد جائحة كوفيد-19، حيث يبحث الكثيرون عن طرق لتعزيز صحتهم العقلية والجسدية. وتُعد هذه الخلوات بمثابة استثمار في الصحة الشخصية، وتقدم بديلاً منعشًا لعطلات السفر التقليدية المليئة بالأنشطة الصاخبة.

لماذا تحظى خلوات القراءة بشعبية متزايدة؟

وفقًا لإيما دونالدسون، مؤسسة “Boutique Book Breaks” في المملكة المتحدة، فإن سر نجاح هذه الخلوات يكمن في تحقيق التوازن بين وقت القراءة الخاص والأنشطة الاجتماعية المشتركة. فهي لا تقتصر على توفير مساحة للقراءة فحسب، بل تشجع أيضًا على التفاعل بين المشاركين من خلال وجبات الطعام المشتركة والمناقشات حول الكتب التي يقرؤونها.

وتضيف دونالدسون أن هذه الخلوات تجذب بشكل خاص النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 30 و50 عامًا، واللواتي يبحثن عن وقت خاص لأنفسهن بعيدًا عن مسؤوليات الأمومة والعمل والحياة الأسرية. إنها فرصة للاسترخاء والتجديد، والاستمتاع بالهوايات الشخصية دون الشعور بالذنب.

الهروب من ضغوط الحياة الحديثة

يرى خبراء في مجال السفر أن عودة جيل الألفية إلى القراءة كوسيلة للهروب من ضغوط الحياة الحديثة تلعب دورًا كبيرًا في زيادة الإقبال على هذه الخلوات. فالقراءة تسمح بالانغماس في عوالم أخرى، وتوسيع الآفاق، وتعزيز الخيال.

ميغان كريستوفر، مؤسسة “Ladies Who Lit”، وهي نادٍ للكتاب عبر الإنترنت ينظم أيضًا خلوات قراءة للنساء، تشير إلى أن هذه الرحلات توفر فرصة للتواصل البشري الحقيقي في عالم يزداد فيه الاعتماد على التكنولوجيا. كما أنها تتيح للنساء الاستمتاع بتجربة خالية من المسؤوليات، حيث يتم الاعتناء بجميع التفاصيل من أجلهن.

مساحة آمنة للتعبير عن الذات

تؤكد جينيفير دي لا ماري، المؤسس المشارك لـ “Silent Book Club”، على أهمية توفير مساحة آمنة ومريحة للقراءة والتعبير عن الذات. وتشتهر هذه الخلوات بفترة “القراءة الصامتة” المخصصة، حيث يمكن للمشاركين الاستمتاع بكتبهم في صمت وسلام.

وتشير دي لا ماري إلى أن النساء غالبًا ما يشعرن بمزيد من الانفتاح والراحة في مجموعات نسائية، مما يسمح لهن بمشاركة أفكارهن وخبراتهن بحرية أكبر. وهذا يخلق بيئة إيجابية وداعمة تعزز الرعاية الذاتية والنمو الشخصي.

وجهات متنوعة لتجارب خلوات القراءة

تتنوع وجهات خلوات القراءة بشكل كبير، بدءًا من الريف الإنجليزي الهادئ وصولًا إلى الجزر اليونانية الخلابة. وتهدف هذه الرحلات إلى الجمع بين الاسترخاء والتجارب الثقافية الأصيلة.

في كوستاريكا، على سبيل المثال، يمكن للمشاركين الاستمتاع بالينابيع الحارة البركانية وركوب الخيل في الغابات المطيرة. وفي هاواي، يمكنهم المشاركة في ورش عمل لصنع أكاليل الزهور التقليدية والاستمتاع برحلات بحرية عند غروب الشمس. هذه الأنشطة تضيف بُعدًا إضافيًا لتجربة القراءة، وتساعد على تعزيز الشعور بالارتباط بالطبيعة والثقافة المحلية.

تتضمن خطط “Boutique Book Breaks” لعام 2026 رحلة إلى Burley Manor في New Forest بإنجلترا، حيث يمكن للمشاركين القراءة في صالة مخصصة والاستمتاع بحديقة غزلان واسعة. أما “Ladies Who Lit” فستنظم رحلات إلى إشبيلية في إسبانيا والجزر اليونانية، حيث يمكن للمشاركين القراءة بجانب حمامات السباحة والاسترخاء على الشواطئ المنعزلة.

من المتوقع أن يستمر الطلب على خلوات القراءة في النمو في السنوات القادمة، حيث يبحث المزيد والمزيد من المسافرين عن طرق مبتكرة لدمج الرعاية الذاتية والتعلم والتواصل الاجتماعي في تجاربهم السياحية. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض التحديات التي تواجه هذا القطاع الناشئ، مثل ضمان توفر أماكن إقامة مناسبة وتنظيم أنشطة متنوعة تلبي احتياجات جميع المشاركين. من المهم مراقبة تطور هذا الاتجاه، وتقييم تأثيره على صناعة السياحة بشكل عام.

شاركها.