تواجه الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تحديات كبيرة في ترقية البنية التحتية لشبكات الطاقة الكهربائية، وهو ما يتطلب استثمارات ضخمة لضمان استقرار الأسعار وتجنب التشوهات التنافسية. صرحت ماريا دا غراسا كارفالو، وزيرة الطاقة والبيئة البرتغالية، لموقع يورونيوز بأن المفوضية الأوروبية يجب أن تلعب دورًا رئيسيًا في ضمان المنافسة العادلة بين دول الاتحاد الأوروبي أثناء هذه الترقيات، مع التركيز على أهمية الحفاظ على شبكة كهرباء الاتحاد الأوروبي متينة وفعالة.

أكدت كارفالو، التي قادت المفاوضات السياسية بشأن قانون سوق الكهرباء، أن ضمان تكافؤ الفرص سيكون “ضروريًا” لخفض أسعار الكهرباء بشكل متساوٍ في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي. وإذا أصبحت الكهرباء أرخص بكثير بشكل مصطنع في دولة واحدة، فسيؤثر ذلك حتمًا على الدول الأخرى ويعرض صناعاتها لخطر المنافسة غير العادلة، وفقًا لتصريحاتها.

أهمية الاستثمار في البنية التحتية لشبكة الكهرباء

تعتبر ترقية البنية التحتية لشبكة الكهرباء أمرًا بالغ الأهمية لتعزيز قدرة الاتحاد الأوروبي على استيعاب مصادر الطاقة المتجددة وضمان إمدادات طاقة موثوقة. تتوقع المفوضية الأوروبية أن هناك حاجة إلى استثمار ضخم بقيمة 1.2 تريليون يورو لتحديث البنية التحتية للشبكة بحلول عام 2040. ومع ذلك، لا يزال هيكل التمويل غير واضح.

من الناحية النظرية، يمكن للاتحاد الأوروبي الاستفادة من مجموعة من الخيارات، بما في ذلك الأموال الأوروبية والميزانيات الوطنية والاستثمارات الخاصة وتقاسم التكاليف. لكن هذا يتطلب توافقًا سياسيًا، وسوق الطاقة الأوروبية، ومكوناته، لا تزال مجزأة إلى حد كبير. وأعربت كارفالو عن قلقها بشأن الاعتماد المحدود على التمويل الأوروبي.

في البرتغال، يأتي جزء من الاستثمار في البنية التحتية من الرسوم التي تحددها الحكومة. تغطي هذه الرسوم تكاليف الوصول إلى الشبكة والاستثمار فيها، وتنعكس في فواتير الكهرباء للمستهلكين. وأوضحت كارفالو أن زيادة التمويل الأوروبي يمكن أن تقلل العبء على المستهلكين.

آليات التمويل والتحديات التنافسية

تعتزم المفوضية الأوروبية تمويل جزء من خططها من خلال مرفق الربط الأوروبي، بالإضافة إلى الميزانية السنوية للاتحاد الأوروبي. وتدرس الحكومة البرتغالية أيضًا تقديم قروض للبنوك للاستثمار في الشبكات. وتشمل الأدوات المالية التي يمكن أن تساعد في معالجة التنافسية اتفاقيات شراء الطاقة (PPAs) وعقود الفروق (CfDs).

عادةً ما تكون اتفاقيات شراء الطاقة وعقود الفروق بين طرف عام وطرف خاص. توفر عقود الفروق أسعارًا ثابتة، وقد تكون مدعومة بضمانات حكومية. وحذرت كارفالو من أن المنافسة يجب أن تراقب كمية عقود الفروق التي تتلقى دعمًا حكوميًا لتجنب الإخلال بالسوق.

البرتغال والطاقة النظيفة: تحديات الاتصال

تحرز البرتغال تقدمًا كبيرًا نحو أن تصبح دولة تعتمد على الطاقة النظيفة، حيث تمثل مصادر الطاقة الكهرومائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح حوالي 71٪ من مزيج الطاقة لديها في عام 2024، وفقًا للوكالة البرتغالية للتجارة والاستثمار الخارجي. ومع ذلك، فإن شبكة الكهرباء القديمة تعيق التكامل الكامل للبرتغال مع بقية أوروبا وتقوض الأهداف المناخية.

تتمثل الأولوية الرئيسية للبرتغال في تعزيز الشبكة الداخلية، بالإضافة إلى تطوير مشاريع تخزين الغاز والطاقة البحرية. ولدى لشبونة خطة عشر سنوات لشبكات النقل تتضمن استثمارات بقيمة أربعة مليارات يورو. ومع ذلك، لا يزال الربط مع إسبانيا أقل من الربط مع فرنسا.

ففي حين أن الربط مع إسبانيا يقترب من 25٪، متجاوزًا الهدف الذي حددته المفوضية بنسبة 15٪ لعام 2030، فإن الربط الأيبيري (البرتغال وإسبانيا معًا) مع فرنسا يبلغ حوالي 2-3٪ فقط. وهذا يمثل مصدر إحباط للدولتين الأيبيريتين.

التعاون الإيبيري والضغط على فرنسا

لتحسين تكامل شبه الجزيرة الأيبيرية مع أوروبا، تحتاج البرتغال وإسبانيا إلى تعزيز الربط عبر البرانس. وعقدت الدولتان، بالإضافة إلى المفوضية الأوروبية، محادثات مع فرنسا للضغط عليها لزيادة الاستثمار في نقاط الربط مع شبه الجزيرة الأيبيرية، حيث كانت باريس مترددة تاريخيًا في ذلك.

يرى البعض أن التردد الفرنسي ناتج عن تركيزها على الطاقة النووية بدلاً من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهو ما تنفيه فرنسا، مشيرة إلى أنها تستورد في بعض الأحيان الطاقة من فرنسا. ومع ذلك، وقعت السلطات الفرنسية اتفاقية مع البنك الاستثماري الأوروبي بشأن الربطين عبر البرانس في يونيو، مما أثار آمالًا في تعزيز مرونة الطاقة في جنوب أوروبا.

صادرات الهيدروجين الأخضر: طموحات لشبونة

بالإضافة إلى إنتاج الطاقة النظيفة، تسعى البرتغال إلى أن تصبح منتجًا رئيسيًا للهيدروجين الأخضر، حيث يهدف الاتحاد الأوروبي إلى إنتاج 10 ملايين طن محليًا بحلول عام 2030. مشروع H2Med، وهو شراكة بين البرتغال وإسبانيا وفرنسا وألمانيا، يهدف إلى نقل الهيدروجين المتجدد بدءًا من عام 2032.

أكدت كارفالو أن هذا المشروع، الذي يندرج أيضًا ضمن خطط المفوضية الأوروبية، “قد يستغرق وقتًا أطول” بسبب التكنولوجيا الجديدة والمعقدة. وأضافت أن أولوية البرتغال هي إنتاج الهيدروجين لجذب الصناعات، خاصةً الصناعات الكيميائية والبتروكيماوية التي تحتاج إلى كميات كبيرة من الهيدروجين.

نظرًا لصعوبة نقل الهيدروجين لمسافات طويلة في الوقت الحالي، فمن المرجح أن تنتقل الصناعات التي تحتاج إلى الهيدروجين إلى مواقع أقرب لمصادر الإنتاج في السنوات الخمس أو الست القادمة. وتسعى البرتغال إلى إظهار قدرتها على إنتاج الهيدروجين الأخضر بأسعار معقولة لجذب الاستثمارات.

من المتوقع أن تستمر المفاوضات حول تفاصيل تمويل البنية التحتية لشبكة الكهرباء الأوروبية، مع التركيز بشكل خاص على الربط عبر البرانس. كما ستراقب الجهات المعنية عن كثب التقدم المحرز في مشروع H2Med وتأثيره على سوق الهيدروجين. وتعتبر هذه التطورات حاسمة لضمان مستقبل طاقة مستدام ومرن للاتحاد الأوروبي.

شاركها.