|

في حكم قضائي أثار اهتماما كبيرا على الصعيد المحلي بمصر، قضت محكمة جنايات دمنهور بمحافظة البحيرة بالسجن المؤبد لمدة 25 عاما على المتهم في قضية الاعتداء على الطفل ياسين، المعروف إعلاميا بـ”طالب دمنهور”.

وشغلت هذه القضية الرأي العام المصري، وتعود وقائع القضية إلى يناير/كانون الثاني من 2024، عندما لاحظت والدة الطفل (البالغ حينها 5 سنوات) رفضه دخول الحمام، وبعد محاولات لمعرفة السبب، اعترف الطفل بتعرضه للاعتداء الجنسي من أحد العاملين في المدرسة الخاصة التي يدرس بها والتابعة لكنيسة محلية.

وحسب الإعلام المحلي، فإن المعتدي الذي يبلغ من العمر 79 عاما، هو مراقب مالي كلفته “مطرانية البحيرة” بفحص حسابات المدرسة التي تتبع ماليا للمطرانية.

على الفور، تقدمت الأم ببلاغ ضد المتهم، وبحسب تقارير محلية، عرضت الأم طفلها على الطبيب، الذي بدوره أكد تعرض الطفل للاعتداء الجنسي المتكرر. وفي تطور مهم، تمكن الطفل من التعرف على صورة المعتدي عبر الإنترنت، قبل أن يتعرف عليه لاحقا في المدرسة.

كما أشار إلى إحدى العاملات في المدرسة التي أكدت علمها بالواقعة دون اتخاذ أي إجراء.

وعادت القضية إلى الواجهة مع عودة والد الطفل من الخارج وانضمامه إلى جهود السعي لتحقيق العدالة. لكنه واجه صعوبات في البداية، حيث رفض قسم شرطة دمنهور تحرير محضر بالواقعة.

ثم تدخلت النيابة العامة لاحقا، وعرضت الطفل على الطب الشرعي الذي أكد تعرضه للاعتداء، كما استدعت مدير المدرسة والمتهم للتحقيق.

التحقيقات والكشف عن الجاني

وخلال التحقيق، ذكرت مديرة المدرسة أن المتهم يعمل محاسبا ماليا مكلفا من مطرانية البحيرة للإشراف على الحسابات.

وأشارت إلى أنها أجرت تحقيقا داخليا حول الحادث، وأن بعض العاملات صرحن بعدم اتزان الطفل. مع ذلك، كشف تقرير الطب الشرعي عن اتساع في المنطقة الشرجية للطفل، مما يؤكد حدوث اعتداء جنسي.

وأصدرت محكمة جنايات دمنهور، في جلستها الأولى، حكما بالسجن المؤبد على المتهم بعد توجيه تهمة هتك عرض الطفل ياسين بالقوة تحت التهديد.

وقد جاء الحكم بعد تعديل القيد والوصف في القضية بناء على طلب دفاع الطفل.

وبعد قرار المحكمة علقت وزارة التربية والتعليم المصرية قائلة عبر حسابها على فيسبوك: “تنسيقا بين وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني ومحافظة البحيرة وفور صدور حكم محكمة الجنايات اليوم، تم التوجيه بانعقاد لجنة التعليم الخاص بالوزارة ومديرية التربية والتعليم بالبحيرة لاتخاذ الإجراءات اللازمة نحو إقالة مديرة مدرسة الكرمة للغات الخاصة بدمنهور، وتشكيل لجنة لمراجعة كافة أعمال المدرسة وعرض تقرير عاجل بذلك الشأن”.

انتقاد الكنيسة

وكان للحكم صدى واسع بين الجمهور والناشطين على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبر المغردون عن ارتياحهم إزاء الحكم المؤبد الذي صدر بحق الجاني.

وفي الوقت نفسه، طالب البعض بتحميل المسؤولية للجهة التابعة لها المدرسة، وهي الكنيسة التي لم تحقق في الحادثة قبل تدخل القضاء.

كما طالب ناشطون بإقالة مديرة المدرسة والعاملين الذين تورطوا بالصمت أو التواطؤ، داعين إلى إغلاق المدرسة نهائيا وإجراء مراجعة شاملة لملفاتها، فضلا عن ضرورة رقابة أكثر صرامة على المدارس لضمان حماية الطلاب.

كما حظيت والدة الطفل ياسين بإشادة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتُبرت رمزا للأمهات اللواتي لا يستسلمن في سبيل تحقيق العدالة لأبنائهن.

فقد استمرت في مكافحة هذه القضية لمدة عام كامل حتى تمكنت من استعادة حق ابنها ومحاسبة الجاني.

وفي مشهد مؤثر، حضر الطفل ياسين جلسة المحكمة مرتديا بدلة “سبايدر مان”، وهي خطوة تم اتخاذها كجزء من التأهيل النفسي للطفل لتعزيز ثقته بنفسه وتصويره كبطل شجاع يواجه الأشرار بحسب رأي بعض المتابعين للقضية.

وأضاف هؤلاء أن البدلة ساهمت في حمايته من التعرض للتصوير المباشر خلال الجلسة، مما لاقى تفاعلا كبيرا وإشادة واسعة.

في أعقاب الحكم، طالب ناشطون بتطبيق قوانين أكثر صرامة لحماية الأطفال من كافة أشكال العنف والتحرش، ودعوا إلى نشر الوعي المجتمعي حول أهمية الإبلاغ عن أي تجاوزات قد يتعرض لها الأطفال.

كما أعرب مدونون عن أملهم في أن تتخذ الحكومة المصرية خطوات إضافية لحماية الأطفال من خلال متابعة أداء المدارس بشكل دوري، والإشراف على السلوك الأخلاقي والتربوي للعاملين بها.

ورسم شباب من دمنهور جدارية في شارع الطفل ياسين لدعمه نفسيا “انتصر ياسين والعجوز إلى الجحيم”.

شاركها.