تصاعدت المخاوف الأوروبية بشأن خطة سلام مقترحة للأزمة في أوكرانيا، حيث يرى العديد من المسؤولين أن الخطة الحالية قد تكون في صالح روسيا بشكل كبير. وتأتي هذه التطورات في ظل نقاشات أوروبية حادة حول كيفية تمويل دعم أوكرانيا المستمر، وتحديداً من خلال تفعيل الأصول الروسية المجمدة في بلجيكا. يركز الجدل حاليًا على مسألة تسوية أوكرانيا، وهل ستؤدي إلى استسلام كييف أم إلى حل عادل ودائم.

أعرب ريهو تيراس، عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الشعب الأوروبي، عن دهشته من “اندفاع” الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب نحو تبني خطة السلام المقترحة من قبل الإدارة الأمريكية الحالية، واصفًا إياها بأنها “خطة روسية لإجبار أوكرانيا على الاستسلام”. جاءت تصريحاته خلال برنامج “أوروبا اليوم” على قناة يورونيوز من ستراسبورغ، مشيرًا إلى أن ترامب قد يمنح بوتين كل ما يريده.

الخطة المثيرة للجدل لتسوية أوكرانيا

كشفت تسريبات الأسبوع الماضي عن تفاصيل خطة سلام تتضمن تنازلات إقليمية كبيرة لصالح روسيا، بالإضافة إلى خفض في حجم الجيش الأوكراني. وتقترح الخطة أيضًا فرض حظر على عضوية أوكرانيا في حلف الناتو. أثارت هذه الشروط قلقًا واسعًا في أوروبا، حيث يراها البعض بمثابة استسلام مشروط لأوكرانيا.

نقاشات جنيف وتعديل الخطة

عقد ممثلون عن الحكومة الأمريكية، بقيادة وزير الخارجية ماركو روبيو، ومسؤولون أوكرانيون، بالإضافة إلى وفد أوروبي، اجتماعًا في جنيف يوم الأحد الماضي لمناقشة تعديل هذه الخطة. وتهدف أوروبا من خلال هذا الاجتماع إلى إدخال تعديلات تمنح كييف مزيدًا من الوقت وتثني ترامب عن تبني الخطة بصيغتها الحالية، بحسب مصادر إخبارية.

وتأتي هذه الجهود فيما يواجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ضغوطًا متزايدة من حلفائه الغربيين للتوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة. ومع ذلك، يصر زيلينسكي على أن أي تسوية يجب أن تحترم سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها.

من جانبها، حذرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، في خطاب لها من ستراسبورغ، من أن “اللعبة الروسية” في مجال العدوان لم تتغير، وأن أوكرانيا قد لا تكون سوى البداية. وأكدت على ضرورة استمرار دعم أوكرانيا بشكل كامل لمنع المزيد من التصعيد.

الأصول الروسية المجمدة والتمويل الأوروبي

لمواجهة التحديات المالية المتزايدة، تجري أوروبا مناقشات حول إصدار قرض غير مسبوق لتمويل المساعدات لأوكرانيا، على أن يتم ربط هذا القرض بالأصول الروسية المجمدة في بلجيكا. وتقدر قيمة هذه الأصول بمئات المليارات من اليورو.

وتواجه هذه الخطوة تعقيدات قانونية وإجرائية، حيث تحتاج إلى موافقة السلطات البلجيكية التي تحتفظ بالأصول. وبحسب مصادر في يورونيوز، تعمل المفوضية الأوروبية على إعداد المزيد من الوثائق القانونية لضمان الحصول على الضوء الأخضر من بلجيكا. من المتوقع نشر هذه الوثائق في وقت مبكر من يوم غد (الجمعة).

هناك إحباط متزايد من بطء التقدم في هذا الملف، وتأخر السلطات البلجيكية في اتخاذ قرار بشأن تفعيل الأصول الروسية. عبر تيراس عن استيائه قائلاً: “نحن نتأخر بالفعل، ويجب أن نبدأ التمويل بسرعة”. وتساءل عن قدرة الاتحاد الأوروبي، الذي يضم 500 مليون نسمة وناتج محلي إجمالي يبلغ 29 تريليون يورو، على دعم أوكرانيا بمبلغ أصغر بكثير.

وأضاف تيراس أن “الشعب الأوروبي لا يدرك مدى خطورة الوضع. الأمر لا يتعلق بأوكرانيا فقط.” وتشير هذه التصريحات إلى القلق العميق بشأن التداعيات المحتملة للأزمة في أوكرانيا على الأمن والاستقرار في أوروبا.

تعتبر قضية الدعم المالي لأوكرانيا من القضايا الحساسة التي تتطلب تنسيقًا دقيقًا بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة. كما أن مسألة الأصول الروسية المجمدة تثير تساؤلات قانونية وأخلاقية معقدة.

من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيدًا من المناقشات حول خطة السلام المقترحة وتمويل دعم أوكرانيا. وينبغي مراقبة رد فعل السلطات البلجيكية تجاه مقترح تفعيل الأصول الروسية، بالإضافة إلى تطورات الموقف الأمريكي بشأن الخطة. يبقى مصير المفاوضات الاوكرانية الروسية مجهولاً، في ظل تباين المواقف وتصاعد التوترات.

شاركها.