عاد المشترون إلى سوق الأسهم، مدفوعين بمكاسب قوية في أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، فيما تراجعت عوائد سندات الخزانة قصيرة الأجل على خلفية الرهانات بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يتمكن قريباً من خفض أسعار الفائدة، كما هبط الدولار الأميركي.
وارتفع “إس آند بي 500” بنسبة تقارب 1% بعد تراجع طفيف هذا الأسبوع، في إشارة إلى قوة “شراء الانخفاضات”، إذ سجّل المؤشر في المتوسط ارتفاعاً بنسبة 0.3% في اليوم التالي لأي جلسة تراجع خلال هذا العام، ما يضعه على مسار ثاني أفضل أداء سنوي له.
صعد مؤشر “ناسداك 100” بنسبة 1.3%. وقفز سهم “أبل” بنسبة 5.1%، مع إعلان الرئيس دونالد ترمب عن التزام الشركة باستثمار جديد بقيمة 100 مليار دولار داخل الولايات المتحدة لتفادي رسوم جمركية عقابية على هواتف “أيفون”.
وقال خوسيه توريس من شركة “إنترأكتيف بروكرز” إن “الأسواق تنتعش في نمط مخاطرة واضح اليوم، حيث يحوّل المستثمرون تركيزهم من تطورات التجارة المتقلبة والبيانات الاقتصادية الضعيفة إلى أرباح الشركات القوية”.
وأضاف: “إعلان أبل عن استثمار بقيمة 100 مليار دولار في التصنيع المحلي يعزز أكثر مشاعر التفاؤل المعروفة بـ‘روح المخاطرة’”.
إشارات من الفيدرالي على خفض الفائدة
شهد طرح سندات خزانة لأجل 10 سنوات بقيمة 42 مليار دولار استجابة فاترة، وبقي العائد شبه مستقر عند 4.22%، في حين تراجع العائد على السندات لأجل عامين ثلاث نقاط أساس إلى 3.70%.
وقالت رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو ماري دالي، إن صناع السياسات سيحتاجون على الأرجح إلى تعديل أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة، لمنع مزيد من الضعف في سوق العمل. بينما قال نظيرها في مينيابوليس نيل كاشكاري، إن التباطؤ الاقتصادي قد يجعل من خفض الفائدة خياراً مناسباً على المدى القريب.
في الوقت ذاته، أبلغ ترمب حلفاءه الأوروبيين بأنه يخطط للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في أقرب وقت الأسبوع المقبل، في محاولة جديدة لإنهاء الحرب بين البلدين. وكانت الولايات المتحدة قد فرضت رسوماً إضافية بنسبة 25% على السلع الهندية هذا الأسبوع بسبب استمرار نيودلهي في شراء الطاقة الروسية.
أرباح الشركات تتصدر اهتمامات المستثمرين
قال ساندي فيلير، مدير محفظة في شركة “فيلير آند كو” (Villere & Co): “يبدو أن المشاركين في السوق يركزون على الشركات وأرباحها، ويتجاهلون الضوضاء الصادرة من واشنطن”.
من جهته، اعتبر بريت كينويل من “إيه تورو” أنه “رغم وجود العديد من السرديات التي يجب تتبعها في بيئة الاستثمار الحالية، فإن الأرباح تبقى المحرك الرئيسي للأسهم”.
وتابع: “رغم احتمال حدوث تراجعات، خصوصاً بسبب عوامل الاقتصاد الكلي أو الاتجاهات الموسمية السلبية، فإن تلك التراجعات من المرجح أن تمثل فرص شراء”.
ولا تزال الأسهم تحافظ على زخمها، إذ إن الرهان ضد الاتجاه الصعودي في السوق “يشبه التصرف غير العقلاني تقريباً”، بحسب ما نقله أحد المتعاملين الكليين في مجموعة “غولدمان ساكس”.
وكتب باولو شيافوني في مذكرة أن “النقطة الأساسية هي أن السوق لا تستطيع النظر بعيداً لما فيه الكفاية، ولهذا السبب ستتجاهل مخاطر الركود”.
مؤشرات على الإفراط في التفاؤل
مع ذلك، بعد الارتفاع الحاد في الأسهم الأميركية، انخفض مؤشر “بلومبرغ إنتليجنس لنبض السوق” ليسجل قراءة “جنونية” الشهر الماضي، ما يُعد إشارة على أن الحماس الاستثماري قد يكون مفرطاً.
ويجمع هذا المؤشر ستة معايير مثل اتساع السوق والتقلبات والرفع المالي، لإعطاء قراءة عن معنويات المستثمرين. وعندما يصل إلى مناطق الإفراط، فإن العوائد تميل إلى الضعف خلال الأشهر الثلاثة اللاحقة.
وقال مارك هيفيلي من “يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت”: “رغم أن حالة عدم اليقين التجاري والتقييمات المرتفعة قد تُشكّل رياحاً معاكسة معتدلة للأسهم على المدى القصير، يمكن للمستثمرين التفكير في وسائل لإدارة التقلبات مع الاستعداد لتحقيق مكاسب طويلة الأجل”.
وأشار إلى أن المستثمرين الذين تتوافق مخصصاتهم للأسهم مع معاييرهم الاستراتيجية ينبغي أن ينظروا في تطبيق تحوطات قصيرة الأجل، بينما يجب على من هم أقل من المستوى المستهدف أن يستعدوا لزيادة تعرضهم عند حدوث أي تراجعات في السوق.